البخاري عنه فقال: هو عن نافع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسل، وعن أبي هريرة عند البيهقي وعبد الرزاق وفي إسناده عبد الله بن محرر بمهملات وهو متروك. وعن سعد بن أبي ذئاب عند البيهقي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمله على قومه وأنه قال لهم: أدوا العشر في العسل وفي إسناده منير بن عبد الله، ضعفه البخاري والأزدي وغيرهما. قال الشافعي وسعد بن أبي ذئاب: يحكى ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره فيه بشئ وأنه شئ رآه هو فتطوع له به قومه. قال ابن المنذر: ليس في الباب شئ ثابت. قوله: متعان بضم الميم وسكون المثناة بعدها مهملة، وكذا المتعي. قوله: سلبة بفتح المهملة واللام والباء الموحدة هو واد لبني متعان، قال البكري في معجم البلدان: وقد استدل بأحاديث الباب على وجوب العشر في العسل أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وحكاه في البحر عن عمر وابن عباس وعمر بن عبد العزيز والهادي والمؤيد بالله وأحد قولي الشافعي. وقد حكى البخاري وابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز أنه لا يجب في العسل شئ من الزكاة، وروى عنه عبد الرزاق أيضا مثل ما روى عنه صاحب البحر ولكنه بإسناد ضعيف كما قال الحافظ في الفتح. وذهب الشافعي ومالك والثوري، وحكاه ابن عبد البر عن الجمهور إلى عدم وجوب الزكاة في العسل، وحكاه في البحر عن علي عليه السلام، وأشار العراقي في شرح الترمذي إلى أن الذي نقله ابن المنذر عن الجمهور أولى من نقل الترمذي. (واعلم) أن حديث أبي سيارة وحديث هلال إن كان غير أبي سيارة لا يدلان على وجوب الزكاة في العسل لأنهما تطوعا بها وحمى لهما بدل ما أخذ، وعقل عمر العلة فأمر بمثل ذلك، ولو كان سبيله سبيل الصدقات لم يخير في ذلك. وبقية أحاديث الباب لا تنتهض للاحتجاج بها. ويؤيد عدم الوجوب ما تقدم من الأحاديث القاضية بأن الصدقة إنما تجب في أربعة أجناس، ويؤيده أيضا ما رواه الحميدي بإسناده إلى معاذ بن جبل أنه أتى بوقص البقر والعسل فقال معاذ:
كلاهما لم يأمرني فيه صلى الله عليه وآله وسلم بشئ. قوله: وإلا فإنما هو ذباب غيث أي وإن لم يؤدوا عشور النحل فالعسل مأخوذ من ذباب النحل، وأضاف الذباب إلى الغيث لأن النحل يقصد مواضع القطر لما فيها من العشب والخصب. قوله: يأكله من يشاء يعني العسل، فالضمير راجع إلى المقدر المحذوف. (وفيه دليل) على أن العسل الذي يوجد في الجبال يكون من سبق إليه أحق به.