وعن بشير بن الخصاصية: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يمشي في نعلين بين القبور فقال: يا صاحب السبتيتين القهما رواه الخمسة إلا الترمذي.
حديث البراء سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح على كلام في المنهال بن عمرو، وشيخه زاذان. وقد أخرجه من هذه الطريق النسائي وابن ماجة. وحديث عمرو بن حزم قال الحافظ في الفتح: إسناده صحيح، وحديث بشير سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات إلا خالد بن نمير فإنه يهم.
وأخرجه أيضا الحاكم وصححه. قوله: مستقبل القبلة فيه دليل على استحباب الاستقبال في الجلوس لمن كان منتظرا دفن الجنازة. قوله: لأن يجلس أحدكم الخ، فيه دليل على أنه لا يجوز الجلوس على القبر، وقد تقدم النهي عن ذلك، وذهاب الجمهور إلى التحريم، والمراد بالجلوس القعود، وروى الطحاوي من حديث محمد بن كعب قال: إنما قال أبو هريرة: من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة قال في الفتح: لكن إسناده ضعيف، وقال نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور. ومخالفة الصحابي لما روى لا تعارض المروي. قوله: لا تؤذ صاحب القبر هذا دليل لما ذهب إليه الجمهور من أن المراد بالجلوس القعود، وفيه بيان علة المنع من الجلوس أعني التأذي. قوله: السبتيتين قد تقدم تفسير ذلك في باب تغيير الشيب، والمراد بها جلود البقر وكل جلد مدبوغ، وإنما قيل لها السبتية أخذا من السبت وهو الحلق، لأن شعرها قد حلق عنها. وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين، ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها. وقال ابن حزم: يجوز وطئ القبور بالنعال التي ليست سبتية لحديث: إن الميت يسمع خفق نعالهم وخص المنع بالسبتية، وجعل هذا جمعا بين الحديثين وهو وهم، لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور فلا معارضة.
وقال الخطابي: إن النهي عن السبتية لما فيها من الخيلاء ورد بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يلبسها كما تقدم في باب تغيير الشيب.