الاجر. قوله: حتى توضع في الأرض قد ذكر المصنف كلام أبي داود في ترجيح هذه الرواية على الرواية الأخرى أعني قوله: حتى توضع في اللحد وكذلك أشار البخاري إلى ترجيحها بقوله: باب من شهد جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال. وأخرج أبو نعيم عن سهيل قال: رأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال. وهذا يدل على أن الرواية الأولى أرجح، لأن أبا صالح راوي الحديث وهو أعرف بالمراد منه، وقد تمسك بالرواية الثانية صاحب المحيط من الحنفية فقال: الأفضل أن لا يقعد حتى يهال عليها التراب انتهى. وإذا قعد الماشي مع الجنازة قبل أن توضع فهل يسقط القيام أو يقوم؟ الظاهر الثاني، لأن أصل مشروعية القيام تعظيم أمر الموت وهو لا يفوت بذلك. وقد روى البخاري في صحيحه أن أبا هريرة ومروان كانا مع جنازة فقعدا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد فأخذ بيد مروان فأقامه، وذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك، فقال أبو هريرة: صدق.
ورواه الحاكم بنحو ذلك وزاد: أن مروان لما قال له أبو سعيد: قم قام، ثم قال له: لم أقمتني؟
فذكر له الحديث، فقال لأبي هريرة: فما منعك أن تخبرني فقال: كنت إماما فجلست فجلست. (وقد استدل) المهلب بقعود أبي هريرة ومروان، على أن القيام ليس بواجب، وأنه ليس عليه العمل. قال الحافظ: إن أراد أنه ليس بواجب عندهما فظاهر، وإن أراد في نفس الامر فلا دلالة فيه على ذلك. قوله: وعن علي عليه السلام الخ، ذكر المصنف هذا الحديث للاستدلال به على نسخ مشروعية القيام لمن تبع الجنازة حتى توضع لقوله فيه: حتى توضع فإنه يدل على أن المراد به قيام التابع للجنازة لا قيام من مرت به، لأنه لا يشرع حتى توضع بل حتى تخلفه كما سيأتي، ولكنه سيأتي في باب القيام للجنازة من حديث عامر بن ربيعة عند الجماعة بلفظ:
حتى تخلفكم أو توضع فذكر الوضع في حديث علي عليه السلام لا يكون نصا، على أن المراد قيام التابع، وقد استدل به الترمذي على نسخ قيام من رأى الجنازة فقال بعد إخراجه له وهذا ناسخ للأول: إذا رأيتم الجنازة فقوموا اه. ولو سلم أن المراد بالقيام المذكور في حديث علي هو قيام التابع للجنازة فلا يكون تركه صلى الله عليه وآله وسلم ناسخا مع عدم ما يشعر بالتأسي به في هذا الفعل بخصوصه، لما تقرر في الأصول من أن فعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة ولا بنسخه.