عليه وآله وسلم حتى مات إلا خلف الجنازة وهذا مع كونه مرسلا لم أقف عليه في شئ من كتب الحديث. وروي في البحر عن علي عليه السلام أنه قال: المشي خلف الجنازة أفضل، وحكي في البحر عن الثوري أنه قال: الراكب يمشي خلفها، والماشي أمامها، ويدل لما قاله حديث المغيرة المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الراكب خلف الجنازة والماشي أمامها قريبا منها عن يمينها أو عن يسارها. أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا مذهب قوي لولا ما سيأتي من الأدلة الدالة على كراهة الركوب لمتبع الجنازة. وقال أنس بن مالك: إنه يمشي بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها، رواه البخاري عنه تعليقا، ووصله عبد الوهاب بن عطاء في كتاب الجنائز، ووصله أيضا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق.
وعن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتبع جنازة ابن الدحداح ماشيا ورجع على فرس رواه الترمذي. وفي رواية: أتي بفرس معرور فركبه حين انصرفنا من جنازة ابن الدحداح ونحن نمشي حوله. رواه أحمد ومسلم والنسائي.
وعن ثوبان قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جنازة فرأى ناسا ركبانا فقال: ألا تستحيون إن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب؟ رواه ابن ماجة والترمذي. وعن ثوبان أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي بدابة وهو مع جنازة فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتي بدابة فركب فقيل له فقال: إن الملائكة كانت تمشي فلم أكن لأركب وهم يمشون فلما ذهبوا ركبت رواه أبو داود.
حديث جابر بن سمرة قال الترمذي: حسن صحيح. وفي لفظ له: وهو على فرس له يسعى ونحن حوله وهو يتوقص به وحديث ثوبان الأول قال الترمذي: قد روي عنه مرفوعا، ولم يتكلم عليه بحسن ولا ضعف، وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف. وحديث ثوبان الثاني سكت عن أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح. قوله: ابن الدحداح بدالين مهملتين وحاء بين مهملتين، ويقال: أبو الدحداح، ويقال: أبو الدحداحة، قال ابن عبد البر: لا يعرف اسمه. قوله: ورجع على فرس فيه أنه لا بأس بالركوب عند الرجوع من دفن الميت. قوله: معرور بضم الميم وفتح الراء، قال أهل اللغة: اعروريت الفرس إذا ركبته عريانا فهو معرور. قال النووي: ولم يأت افعوعل معدي إلا قولهم: اعروريت