(فصل) فإن سرق مصحفا فقال أبو بكر والقاضي لا قطع فيه وهو قول أبي حنيفة لأن المقصود منه ما فيه من كلام الله وهو مما لا يجوز أخذ العوض عنه، واختار أبو الخطاب وجوب قطعه وقال هو ظاهر كلام أحمد فإنه سئل عمن سرق كتابا فيه علم لينظر فيه فقال كل ما بلغت قيمته ثلاثة دراهم فيه القطع وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور وابن المنذر لعموم الآية في كل سارق ولأنه متقوم تبلغ قيمته نصبا فوجب القطع بسرقته ككتب الفقه ولا خلاف بين أصحابنا في وجوب القطع بسرقة كتب الفقه والحديث وسائر العلوم الشرعية، فإن كان المصحف محلى بحلية تبلغ نصابا خرج فيه وجهان عند من لم ير القطع بسرقة المصحف (أحدهما) لا يقطع وهذا قياس قول أبي إسحاق بن شاقلا ومذهب أبي حنيفة لأن الحلي تابعة لما لا يقطع بسرقته أشبهت ثياب الحر (والثاني) يقطع وهو قول القاضي لأنه سرق نصابا من الحلي فوجب قطعه كما لو سرقه منفردا، وأصل هذين الوجهين من سرق صبيا عليه حلي (فصل) وان سرق عينا موقوفة وجب القطع عليه لأنها مملوكة للموقوف عليه، ويحتمل أن لا يقطع بناء على الوجه الذي يقول إن الموقوف لا يملكه الموقوف عليه (الشرط الرابع) أن يسرق من حرز ويخرجه منه وهذا قول أكثر أهل العلم وهذا مذهب عطاء والشعبي وأبي الأسود الدؤلي وعمر بن عبد العزيز والزهري وعمرو بن دينار والثوري ومالك
(٢٤٩)