(مسألة) قال (ولا يبلغ بالتعزير الحد) التعزير هو العقوبة المشروعة على جناية لاحد فيها كوطئ الشريك والجارية المشتركة أو أمته المزوجة أو جارية ابنه أو وطئ امرأته في دبرها أو حيضها أو وطئ أجنبية دون الفرج أو سرقة ما دون النصاب أو من غير حرز أو النهب أو الغصب أو الاختلاس أو الجناية على انسان بما لا يوجب حد أو لا قصاصا ولا دية، أو شتمه بمال ليس يقذف ونحو ذلك يسمى تعزيرا لأنه منع من الجناية. والأصل في التعزير المنع ومنه التعزير بمعني النصرة لأنه منع لعدوه من أذاه، واختلف عن أحمد في قدره فروي عنه أنه لا يزاد على عشر جلدات نص احمد على هذا في مواضع وبه قال إسحاق لما روى أبو بردة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى) متفق عليه (والرواية الثانية) لا يبلغ به الحد وهو الذي ذكره الخرقي فيحتمل أنه أراد لا يبلغ به أدنى حد مشروع وهذا قول أبي حنيفة والشافعي فعلى هذا لا يبلغ به أربعين سوطا لأنها حد العبد في الخمر والقذف وهذا قول أبي حنيفة، وان قلنا إن حد الخمر أربعون لم يبلغ به عشرين سوطا في حق العبد وأربعين في حد الحر وهذا مذهب الشافعي فلا يزاد العبد على تسعة عشر سوطا ولا الحر على تسعة وثلاثين سوطا، وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف أدنى الحدود ثمانون فلا يزاد في التعزير على تسعة وسبعين، ويحتمل كلام احمد والخرقي انه لا يبلغ بكل جناية حدا مشروعا في جنسها ويجز أن يزيد على حد غير جنسها، وروي عن أحمد ما يدل على هذا فعلى هذا ما كان سببه الوطئ جاز أن يجلد مائة إلا سوطا لينقص عن حد الزنا وما كان سببه غير الوطئ لم يبلغ به أدنى الحدود لما روي عن النعمان ابن بشير في الذي وطئ جارية امرأته باذنها بجلد مائة وهذا تعزير لأنه في حق المحصن وحده إنما هو الرجم، وعن سعيد بن المسيب عن عمر في أمة بين رجلين وطئها أحدهما يجلد الحد الا سوطا واحدا رواه الأثرم واحتج به احمد، قال القاضي فهذا عندي من نص احمد لا يقتضي اختلافا في التعزير بل المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات اتباعا للأثر الا في وطئ جارية امرأته لحديث النعمان، وفي الجارية المشتركة لحديث عمر وما عداهما يبقى على العموم لحديث أبي بردة وهذا قول حسن، وإذا
(٣٤٧)