(النوع الثاني) أن لا يكون فيها قتل فإن جميعها يستوفى من غير خلاف نعلمه ويبدأ بالأخف فالأخف فإذا شرب وزنى وسرق حد للشرب أولا ثم حد للزنا ثم قطع للسرقة، وإن أخذ المال في المحاربة قطع لذلك ويدخل فيه القطع للسرقة ولان محل القطعين واحد فتداخلا كالقتلين وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يتخير بين البداءة بحد الزنا وقطع السرقة لا كل واحد منهما ثبت بنص القرآن ثم يحد للشرب ولنا أن حد الشرب أخف فيقدم كحد القذف ولا نسلم أن حد الشرب غير منصوص عليه في السنة ومجمع على وجوبه وهذا التقديم على سبيل الاستحباب ولو بدأ بغيره جاز ووقع الموقع ولا يوالي بين هذه الحدود لأنه ربما افضى إلى تلفه بل متى برأ من حد أقيم الذي يليه (القسم الثاني) الحدود الخالصة للآدمي وهو القصاص وحد القذف فهذه تستوفى كلها ويبدأ بأخفها فيحد للقذف ثم يقطع ثم يقتل لأنها حقوق للآدميين أمكن استيفاؤها فوجب كسائر حقوقهم وهذا قول الأوزاعي والشافعي، وقال أبو حنيفة يدخل ما دون القتل فيه احتجاجا بقول ابن مسعود وقياسا على الحدود الخالصة لله تعالى ولنا أن ما دون القتل حق لآدمي فلم يسقط به كذنوبهم وفارق حق الله تعالى فإنه مبني على المسامحة (القسم الثالث) أن تجتمع حدود الله وحدود الآدميين وهذه ثلاثة أنواع (أحدها) أن لا يكون فيها قتل فهذه تستوفى كلها وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وعن مالك أن حدي الشرب والقذف يتداخلان لاستوائهما فهما كالقتلين والقطعين ولنا أنهما حدان من جنسين لا يفوت بهما المحل فلم يتداخلا كحد الزنا والشرب ولا نسلم استواءهما فإن حد الشرب أربعون وحد القذف ثمانون، وان سلم استواؤهما لم يلزم تداخلهما لأن ذلك لو اقتضى تداخلهما لوجب دخولهما في حد الزنا لأن الأقل مما يتداخل يدخل في الأكثر، وفارق القتلين والقطعين لأن المحل يفوت بالأول فيتعذر استيفاء الثاني وهذا بخلافه، فعلى هذا يبدأ بحد القذف لأنه اجتمع فيه معنيان خفته وكونه حقا لآدمي شحيح الا إذا قلنا حد الشرب أربعون فإنه
(٣٢٢)