ثوبي هذا فقال صدقت كان اقرارا وفيه وجه آخر لا يكون قاذفا وهو قول زفر لأنه يحتمل أن يريد بتصديقه في غير القذف، ولو قال أخبرني فلا أنت زنيت لم يكن قاذفا سواء كذبه المخبر عنه أو صدقه وبه قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال أبو الخطاب فيه وجه آخر أنه يكون قاذفا إذا كذبه الآخر وبه قال عطاء ومالك ونحوه عن الزهري لأنه أخبره بزناه ولنا أنه إنما أخبر انه قد قذف فلم يكن قذفا كما لو شهد على رجل انه قد قذف رجلا (فصل) وان قال أنت أزنى من فلان أو أزنى الناس فهو قاذف له وهل يكون قاذفا للثاني؟
فيه وجهان (أحدهما) يكون قاذفا له اختاره القاضي لأنه أضاف الزنا إليهما وجعل (أحدهما) فيه أبلغ من الآخر فإن لفظة افعل للتفضيل فيقتضي اشتراك المذكورين في أصل الفعل وتفضيل أحدهما على الآخر فيه كقوله أجود من حاتم (والثاني) يكون قاذفا للمخاطب خاصة لأن لفظة افعل قد تستعمل للمنفرد بالفعل كقول الله تعالى (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى) وقال تعالى (فأي الفريقين أحق بالأمن؟ وقال لوط بناتي هن أطهر لكم) أي من أدبار الرجال ولا طهارة فيهم، وقال الشافعي وأصحاب الرأي ليس بقذف للأول ولا لثاني الا أن يريد به القذف ولنا ان موضوع اللفظ يقتضي ما ذكرناه فحمل عليه كما لو قال أنت زان (فصل) وان قال زنات مهموزا فقال أبو بكر وأبو الخطاب هو قدف لأن عامة الناس لا يفهمون