(مسألة) قال (والخمرة إذا أفسدت فصيرت خلا لم تزل عن تحريمها وان قلب الله عينها فصارت خلا فهي حلال) روي هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبه قال الزهري ونحو قول مالك وقال الشافعي إن القي فيها شئ يفسدها كالملح فتخلت فهي على تحريمها، وان نقلت من شمس إلى ظل أو من ظل إلى شمس فتخلت ففي اباحتها قولان، وقال أبو حنيفة تطهر في الحالين لأن علة تحريمها زالت بتخليلها فطهرت كما لو تخللت، بنفسها يحققه ان التطهير لا فرق فيه بين ما حصل بفعل الله تعالى وفعل الآدمي كتطهير الثوب والبدن والأرض ونحو هذا قول عطاء وعمر وبن دينار والحارث العكلي وذكره أبو الخطاب وجها في مذهبنا فقال وان خللت لم تطهر وقيل تطهر ولنا ما روى أبو سعيد قال كان عندنا خمر ليتيم فلما نزلت المائدة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ليتيم قال (أهريقوه) رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتخذ الخمر خلا؟ قال (لا) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ورواه مسلم وعن أبي طلحة انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيمام ورثوا خمرا فقال (أمرقها) قال أفلا أخللها؟ قال (لا) رواه أبو داود وهذا نهي يقتضي التحريم ولو كان إلى استصلاحها سبيل لم تجز إراقتها بل أرشدهم إليه سيما وهي لأيتام يحرم التفريط في أموالهم، ولأنه اجماع الصحابة فروي أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر فقال لا يحل خل خمر أفسدت حتى يكون الله تعالى هو تولى افسادها ولا بأس على مسلم ابتاع من أهل الكتاب خلا ما لم يتعمد لافسادها فعند ذلك يقع النهي، رواه أبو عبيد في الأموال بنحو من هذا المعنى وهذا قول يشتهر لأنه خطب به الناس على المنبر فلم ينكر. فأما إذا انقلبت بنفسها فإنها تطهر وتحل في قول جميعهم فقد روي عن جماعة من الأوائل أنهم اصطبغوا بخل خمر منهم علي وأبو الدرداء وابن عمر وعائشة ورخص فيه الحسن وسعيد بن جبير وليس في شئ من أخبارهم انهم اتخذوه خلا ولا انه انقلب بنفسه لكن قد بينه عمر بقوله لا يحل خل خمر أفسدت حتى يكون الله
(٣٤٣)