فأما مصرف المأخوذ منهم، فاختار القاضي ان مصرفه مصرف الفئ لأنه مأخوذ من مشرك ولأنه جزية مسماة بالصدقة.
وقال أبو الخطاب مصرفه إلى أهل الصدقات لأنه مسمى باسم الصدقة مسلوك به - فيمن يؤخذ منه - مسلك الصدقة فيكون مصرفه مصرفها، والأول أقيس وأصح لأن معنى الشئ أخص به من اسمه ولهذا لو سمى رجل أسدا أو نمرا أو أسود أو أحمر لم يصر له حكم المسمى بذلك، ولان هذا لو كان صدقة على الحقيقة لجاز دفعها إلى فقراء من أخذت منهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) (فصل) فإن بذل التغلبي أداء الجزية وتحط عند الصدقة لم يقبل منه لأن الصلح وقع على هذا فلا يغير، ويحتمل أن يقبل منه لقول الله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد) وهذا قد أعطى الجزية وإن كان باذل الجزية منهم حربيا قبلت منه للآية وخبر بريدة (أدعهم إلى أداء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم) ولأنه لم يدخل في صلح الأولين فلم يلزمه حكمه وهو كتابي باذل للجزية فيحقن بها دمه، وان أراد إمام نقض صلحهم وتجديد الجزية عليهم كفعل عمر بن العزيز لم يكن له ذلك لأن عقد الذمة على التأبيد وقد عقده معهم عمر بن الخطاب فلم يكن لغيره نقضه ما داموا على العهد (فصل) فأما سائر أهل الكتاب من النصارى واليهود العرب وغيرهم فالجزية منهم مقبولة،