يغزو العرب ولان ذلك اجماع فإن عمر رضي الله عنه أراد الجزية من نصارى بني تغلب فأبوا ذلك وسألوه ان يأخذ منهم مثلما يأخذ من المسلمين فأبى ذلك عليهم حتى لحقوا بالروم ثم صالحهم على ما يأخذه منهم عوضا عن الجزية فالمأخوذ منهم جزية غير أنه على غير صفة جزية غيرهم وما أنكر أخذ الجزية منهم أحد فكان ذلك اجماعا وقد ثبت بالقطع واليقين ان كثيرا من نصارى العرب ويهودهم كانوا في عصر الصحابة في بلاد الاسلام ولا يجوز اقرارهم فيها بغير جزية فثبت يقينا أنهم أخذوا الجزية منهم، وظاهر كلام الخرقي أنه لا فرق بين من دخل في دينهم قبل تبديل كتابهم أو بعده ولا بين أن يكون ابن كتابيين أو ابن وثنيين أو ابن كتابي ووثني وقال أبو الخطاب من دخل في دينهم بعد تبديل كتابهم لم تقبل منه الجزية ومن ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية والآخر لا تقبل منه فهل تقبل منه؟ على وجهين وهذا مذهب الشافعي ولنا عموم النص فيهم ولأنهم من أهل دين تقبل من أهله الجزية فيقرون بها كغيرهم وإنما تقبل منهم الجزية إذا كانوا مقيمين على ما عوهدوا عليه من بذل الجزية والتزام أحكام الملة لأن الله تعالى أمر بقتالهم حتى يعطوا الجزية أي يلتزموا أداءها فما لم يوجد ذلك يبقوا على إباحة دمائهم وأموالهم (فصل) ولا يجوز عقد الذمة المؤبدة الا بشرطين (أحدهما) ان يلتزموا إعطاء الجزية في كل حول (والثاني) التزام أحكام الاسلام وهو قبول ما يحكم به عليهم من أداء حق أو ترك محرم لقول الله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة (فادعهم إلى أداء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم) ولا تعتبر حقيقة الاعطاء ولا جريان الأحكام لأن إعطاء الجزية إنما يكون في آخر الحول والكف عنهم في ابتدائه عند البذل والمراد يقوله (حتى يعطوا) أي يلتزموا الاعطاء يجيبوا إلى بذله كقول الله تعالى (فإن تابوا وأقاموا
(٥٧٢)