(الصنف الثالث) أهل الذمة فإذا أعانوهم وقاتلوا معهم ففيهم وجهان ذكرهما أبو بكر (أحدهما) ينتقض عهدهم لأنهم قاتلوا أهل الحق فينتفض عهدهم كما لو انفردوا بقتالهم (والثاني) لا ينتفض لأن أهل الذمة لا يعرفون الحق من المبطل فيكون ذلك شبهة لهم وللشافعي قولان كالوجهين، فإن قلنا ينتفض عهدهم صاروا كأهل الحرب فيما ذكرنا. وان قلنا لا ينتقض عهدهم فحكمهم حكم أهل البغي في قتل مقبلهم والكف عن أسيرهم ومدبرهم وجريحهم إلا أنهم يضمنون ما أتلفوا على أهل العدل حال القتال وغيره بخلاف أهل البغي فإنهم لا يضمنون ما أتلفوا حال الحرب لأنهم أتلفوه بتأويل سائغ وهؤلاء لا تأويل لهم ولأنه سقط الضمان عن المسلمين كيلا يؤدي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة وأهل الذمة لا حاجة بنا إلى ذلك فيهم، وان أكرههم البغاة على معونتهم لم ينتقض عهدهم وان ادعوا ذلك قبل قولهم لأنهم تحت أيديهم وقدرتهم. وان قالوا ظننا أن من استعان بنا من المسلمين لزمتنا معونته لم ينتقض عهدهم، وان فعل ذلك المستأمنون انتقض عهدهم، والفرق بينهما ان أهل الذمة أقوى حكما لأن عهدهم مؤبد ولا يجوز نقضه لخوف الخيانة منهم ويلزم الإمام الدفع عنهم والمستأمنون بخلاف ذلك (فصل) وإذا ارتد قوم فأتلفوا مالا للمسلمين لزمهم ضمان ما أتلفوه سواء تحيزوا أو صاروا في منعة أو لم يصيروا ذكره أبو بكر. قال القاضي: وهو ظاهر كلام احمد، وقال الشافعي: حكمهم حكم أهل البغي فيما أتلفوه من الأنفس والأموال لأن تضمينهم يؤدي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الاسلام فأشبهوا أهل البغي. ولنا ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال لأهل الردة حين رجعوا تردون علينا ما أخذتم منا ولا نرد عليكم ما أخذنا منكم وان تدوا
(٧٢)