(فصل) وان تترسوا بمسلم ولم تدع حاجة إلى رميهم لكون الحرب غير قائمة أو لامكان القدرة عليهم بدونه أو للأمن من شرهم لم يجز رميهم، فإن رماهم فأصاب مسلما فعليه ضمانه، وان دعت الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين جاز رميهم لأنها حال ضرورة ويقصد الكفار، وإن لم يخف على المسلمين لكن لم يقدر عليهم إلا بالرمي فقال الأوزاعي والليث لا يجوز رميهم لقول الله تعالى (ولولا رجال مؤمنون) الآية قال الليث ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق وقال الأوزاعي كيف يرمون من لا يرونه؟ إنما يرمون أطفال المسلمين، وقال القاضي والشافعي يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد فعلى هذا ان قتل مسلما فعليه الكفارة وفي الدية على عاقلته روايتان (إحداهما) يجب لأنه قتل مؤمنا خطأ فيدخل في عموم قوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) (والثانية) لا دية له لأنه قتل في دار الحرب برمي مباح فيدخل في عموم قوله تعالى (وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) ولم يذكر دية وقال أبو حنيفة لا دية له ولا كفارة فيه لأنه رمي أبيح مع العلم بحقيقة الحال فلم يوجب شيئا كرمي من أبيح دمه ولنا الآية المذكورة وانه قتل معصوما بالايمان والقاتل من أهل الضمان فأشبه ما لو لم يتترس به
(٥٠٥)