(الحال الرابع) أن يقول قتلاه خطأ أو شبه عمد أو أحدهما خاطئ والآخر شبه العمد فهل أن يقسم عليهما، فإن ادعى انه قتل وليه عمدا فسئل عن تفسير العمد ففسره بعمد الخطأ قبل تفسيره وأقسم على ما فسره به لأنه أخطأ في وصف القتل بالعمدية، ونقل المزني عن الشافعي لا يحلف عليه لأنه بدعوى العمد برأ العاقلة فلا تسمع دواه بعد ذلك ما يوجب عليهم المال ولنا ان دعواه قد تحررت وإنما غلط في تسمية شبه العمد عمدا وهذا مما يشتبه فلا يؤاخذ به، ولو أحلفه الحاكم قبل تحرير الدعوى وتبين نوع القتل لم يعتد باليمين لأن الدعوى لا تسمع غير محررة فكأنه حلفه قبل الدعوى، ولأنه إنما يحلفه ليوجب له ما يستحقه فإذا لم يعلم ما يستحقه بدعواه لم يحصل المقصود باليمين فلم يصح (فصل) قال القاضي يجوز للأولياء أن يقسموا على القاتل إذا غلب على ظنهم انه قتله وإن كانوا غائبين عن مكان القتل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار (تحلفون وتستحقون دم صاحبكم) وكانوا بالمدينة والقتل بخيبر، ولان الانسان يحلف على غالب ظنه كما أن من اشترى من انسان شيئا فجاء آخر يدعيه جاز أن يحلف انه لا يستحقه لأن الظاهر أنه ملك الذي باعه وكذلك إذا وجد شيئا بخطه أو خط أبيه ودفتره جاز له أن يحلف وكذلك إذا باع شيئا لم يعلم فيه عيبا فادعى عليه المشتري انه معيب وأراد رده كان له ان يحلف انه باعه بريئا من العيب، ولا ينبغي ان يحلف المدعي إلا بعد الاستثبات وغلبة ظن يقارب اليقين، وينبغي للحاكم ان يقول لهم اتقوا الله واستثبتوا ويعظهم ويحذرهم ويقرأ عليهم (إن الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا) ويعرفهم ما في اليمين الكاذبة وظلم البرئ وقتل النفس بغير الحق ويعرفهم ان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وهذا كله مذهب الشافعي (فصل) ويستحب أن يستظهر في ألفاظ اليمين في القسامة تأكيدا فيقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فإن اقتصر على لفظه والله كفى ويقول والله أو بالله أو تالله بالجر كما تقتضيه العربية فإن قامه مضموما أو منصوبا فقد لحن، قال القاضي ويجزئه تعمده أو لم يتعمده لأنه لحن لا يحيل المعنى وهو قول الشافعي وما زاد على هذا تأكيد، ويقول لقد قتل فلان ابن فلان
(٣٦)