فقال عمر إن كان قد قتل نفسا فقد أحيا نفسا، ودرأ عنه القصاص، ولان الدعوى على الأول شبهة في درء القصاص عن الثاني وتجب الدية عليه لا قراره بالقتل الموجب لها وهذا القول أصح وأعدل مع شهادة الأثر بصحته (الفصل الثالث) أن الأولياء إذا ادعوا القتل على من بينه وبين القتيل لوث شرعت اليمين في حق المدعين أو لا فيحلفون خمسين يمينا على المدعى عليه إن قتله وثبت حقهم قبله، فإن لم يحلفوا استحلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرئ وبهذا قال يحيى بن سعيد وربيعة وأبو الزناد ومالك والشافعي وقال الحسن يستحلف المدعى عليهم أولا خمسين يمينا ويبرؤون، وإن أبوا أن يحلفوا استحل خمسون من المدعين أن حقنا قبلكم ثم يعطون الدية لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ولكن اليمين على المدعى عليه) رواه مسلم وفي لفظ (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) رواه الشافعي في مسنده. وروى أبو داود باسناده عن سليمان بن يسار عن رجال من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود وبدأ بهم (يحلف منكم خمسون رجلا) فأبوا فقال للأنصار (استحقوا) قالوا نحلف على الغيب يا رسول الله فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود لأنه وجد بين أظهرهم ولأنها يمين في دعوى فوجبت في جانب المدعى عليه ابتداء كسائر الدعاوى وقال الشعبي والنخعي والثوري وأصحاب الرأي يستحلف خمسون رجلا من أهل المحلة التي وجد فيها القتيل بالله ما قتلناه ولا علمنا قاتلا ويغرمون الدية لقضاء عمر بذلك ولم نعرف له في الصحابة
(١٨)