(فصل) وان ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحد ثم قدر عليهم أقيمت فيهم حدود الله تعالى ولا تسقط باختلاف الدار وبهذا قال مالك والشافعي وابن المنذر وقال أبو حنيفة إذا امتنعوا بدار لم يجب الحد على أحد منهم ولا على من عندهم من تاجر أو أسير لأنهم خارجون عن دار الإمام فأشبهوا من في دار الحرب ولنا عموم الآيات والاخبار ولان كل موضع تجب فيه العبادات في أوقاتها تجب الحدود فيه عند وجود أسبابها كدار أهل العدل. ولأنه زان أو سارق لا شبهة في زناه وسرقته فوجب عليه الحد كالذي في دار العدل، وهكذا نقول فيمن أتى حدا في دار الحرب فإنه يجب عليه لكن لا يقام إلا في دار الاسلام على ما ذكرناه في موضعه (فصل) وإذا استعان أهل البغي بالكفار فلا يخول من ثلاثة أصناف (أحدهم) أهل الحرب فإذا استعانوا بهم أو آمنوهم أو اعقدوا لهم ذمة لم يصح واحد منها لأن الأمان من شرط صحته الزام كفهم عن المسلمين وهؤلاء يشترطون عليهم قتال المسلمين فلا يصح، ولأهل العدل قتالهم كمن لم يؤمنوه سواء وحكم أسيرهم حكم أسير سائر الحرب قبل الاستعانة بهم فأما أهل البغي فلا يجوز لهم قتلهم لأنهم آمنوهم فلا يجوز لهم الغدر بهم (الصنف الثاني) المستأمنون فمتى استعانوا بهم فأعانوهم نقضوا عهدهم وصاروا كأهل الحرب لأنهم تركوا الشرط وهو كفهم عن المسلمين فإن فعلوا ذلك مكرهين لم ينتقض عهدهم لأن لهم عذرا وإن ادعوا الاكراه لم يقبل قولهم إلا ببينة لأن الأصل عدمه
(٧١)