فقال (أصليت معنا؟) قال نعم فتلا عليه (ان الحسنات يذهبن السيئات) وقال في الأنصار (اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم) وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم في حكم حكم به للزبير أن كان ابن عمتك فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعزره على مقالته، وقال له رجل ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فلم يعزره ولنا ان ما كان من التعزير منصوصا عليه كوطء جارية امرأته أو جارية مشتركة فيجب امتثال الامر فيه وما لم يكن منصوصا عليه إذا رأي الإمام المصلحة فيه أو علم أنه لا ينزجر إلا به وجب لأنه زاجر مشروع لحق الله تعالى فوجب كالحد (فصل) وإذا مات من التعزير لم يجب ضمانه وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وقال الشافعي يضمنه لقول علي ليس أحد أقيم عليه الحد فيموت فأجد في نفسي شيئا ان الحق قتله إلا حد الخمر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه لنا وأشار على عمر بضمان التي أجهضت جنينها حين أرسل إليها ولنا انها عقوبة مشروعة للردع والزجر فلم يضمن من تلف بها كالحد، وأما قول علي في دية من قتله حد الخمر فقد خالفه غيره من الصحابة فلم يوجبوا شيئا به ولم يعمل به الشافعي ولا غيره من الفقهاء فكيف يحتج به مع ترك الجميع له؟ وأما قوله في الجنين فلا حج لهم فيه فإن الجنين الذي تلف لا جناية منه ولا تعزير عليه فكيف يسقط ضمانه؟ ولو أن الإمام حد حاملا فأتلف جنينها ضمنه مع أن الحد متفق عليه بينا على أنه لا يجب ضمان الحدود إذا تلف به (فصل) وليس على الزوج ضمان الزوجة إذا تلفت من التأديب المشروع في النشوز ولا على المعلم إذا أدب صبيه الأدب المشروع وبه قال مالك وقال الشافعي وأبو حنيفة يضمن ووجه المذهبين ما تقدم في التي قبلها. قال الخلال إذا ضرب العلم ثلاثا كما قال التابعون وفقهاء الأمصار وكان ذلك ثلاثا فليس بضامن، وإن ضربه ضربا شديدا مثله لا يكون أدبا للصبي ضمن لأنه قد تعدى في الضرب.
قال القاضي وكذلك يجئ على قياس قول أصحابنا إذا ضرب الأب أو الجد الصبي تأديبا فهلك أو الحاكم أو أمينه أو الوصي عليه تأديبا فلا ضمان عليهم كالمعلم (فصل) وإن قطع طرفا من انسان فيه أكلة أو سلعة باذنه وهو كبير عاقل فلا ضمان عليه وإن قطعه مكرها فالقطع وسرايته مضمون بالقصاص سواء كان القاطع إماما أو غيره لأن هذه جراحة تودي إلى التلف والاكلة إن كان بقاؤها مخفا فقطعها مخوف، وإن كان من قطعت منه صبيا أو مجنونا