أكثر ضررا وفي قتاله دفع ضرره عن المقابل له وعمن وراء والاشتغال بالبعيد عنه يمكنه من انتهاز الفرصة في المسلمين لاشتغالهم عنه، قيل لأحمد يحكون عن ابن المبارك انه قيل له تركت قتال العدو عنك وجئت إلى ههنا؟ قال هؤلاء أهل الكتاب فقال أبو عبد الله سبحان الله ما أدري ما هذا القول؟ يترك العدو عنده ويجئ إلى ههنا أفيكون هذا؟ ان يستقيم هذا وقد قال الله تعالى (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) لو أن أهل خرسان كلهم عملوا على هذا لم يجاهد الترك أحد وهذا والله أعلم أنما فعله ابن المبارك لكونه متبرعا بالجهاد والكفاية حاصلة بغيره من أهل الديوان وأجناد المسلمين والمتبرع له ترك الجهاد بالكلية فكان له ان يجاهد حيث شاء ومع من شاء. إذا ثبت هذا فإن كان له عذر في البداية بالابعد لكونه أخوف أو لمصلحة في البداية به لقربه وامكان الفرصة منه أو لكون الأقرب مهادنا أو يمنع من قتاله مانع فلا بأس بالبداية بالا بعد لكونه موضع حاجة (فصل) وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك وينبغي أن يبتدئ بترتيب قوم في أطراف البلاد يكفون من بإزائهم من المشركين ويأمر بعلم حصونهم وحفر خنادقهم وجميع مصالحهم ويؤمر في كل ناحية أميرا يقلده أمر الحروب وتدبير الجهاد ويكون ممن له رأي وعقل ونجدة وبصر بالحرب ومكايدة العدو ويكون فيه أمانة ورفق ونصح للمسلمين، وإنما يبدأ بذلك لأنه لا يأمن عليها من المشركين، ويغزو كل قوم من يليهم الا أن يكون في بعض الجهات من
(٣٧٣)