ومعرفة المصلحة في أحد اقسام الحكم ولا يضر عدم البصر فيه بخلاف القضاء فإنه لا يستغني عن البصر ليعرف المدعي من المدعى عليه والشاهد من المشهود له والمشهود عليه والمقر له من المقر ويعتبر من الفقه ههنا ما يتعلق بهذا الحكم مما يجوز فيه ويعتبر له ونحو ذلك ولا يعتبر فقهه في جميع الأحكام التي لا تعلق له بهذا ولهذا حكم سعد بن معاذ ولم يثبت انه كان عالما بجميع الأحكام. إذا حكموا رجلين جاز ويكون الحكم ما اتفقا عليه، وان جعلوا الحكم إلى رجل يعينه الإمام جاز لأنه لا يختار الا من يصلح وان نزلوا على حكم رجل منهم أو جعلوا التعيين إليهم لم يجز لأنهم ربما اختاروا من لا يصلح وإن عينوا رجلا يصلح فرضيه الإمام جاز لأن بني قريظة رضوا بحكم سعد بن معاذ وعينوه فرضيه النبي صلى الله عليه وسلم وأجاز حكمه وقال لقد حكمت فيهم بحكم الله) وإن مات من اتفقوا عليه فاتفقوا على غيره ممن يصلح قام مقامه، وإن لم يتفقوا على من يقوم مقامه أو طلبوا حكما لا يصلح ردوا إلى مأمنهم وكانوا على الحصار حتى يتفقوا وكذلك إن رضوا باثنين فمات أحدهما فاتفقوا على من يقوم مقامه جاز وإلا ردوا إلى مأمنهم، وكذلك إن رضوا بتحكيم من لم تجتمع الشرائط فيه ووافقهم الإمام عليه ثم بان انه لا يصلح لم يحكم ويردون إلى مأمنهم كما كانوا (وأما صفة الحكم) فإن حكم أن تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم نفذ حكمه لأن سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة) وإن حكم بالمن على المقاتلة وسبي الذرية فقال القاضي يلزم حكمه وهو مذهب الشافعي لأن الحكم إليه فيما يرى المصلحة فيه فكان له المن كالإمام في الأسير
(٥٤٦)