ولنا ما روى الإمام أحمد باسناده عن طارق بن سويد انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنما أصنعها للدواء فقال (انه ليس بدواء ولكنه داء) وباسناده عن مخارق أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وقد نبذت نبيذا في جرة فخرج والنبيذ يهدر وفقال (ما هذا؟) فقالت فلانة اشتكت بطنها فنقعت لها فدفعه برجله فكسره وقال (ان الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء) ولأنه محرم لعينه فلم يبح للتداوي كلحم الخنزير ولان الضرورة لا تندفع به فلم يبح كالتداوي بها فيما لا تصلح له (الفصل الخامس) ان الحد إنما يلزم من شربها عالما أن كثيرها يسكر فأما غيره فلا حد عليه لأنه غير عالم بتحريمها ولا قاصد إلى ارتكاب المعصية بها فأشبه من زفت إليه غير زوجته وهذا قول عامة أهل العلم، فاما من شربها غير عالم بتحريمها فلا حد عليه أيضا لأن عمر وعثمان قالا لاحد إلا على من علمه ولأنه غير عالم بالتحريم أشبه من لم يعلم أنها خمر، وإذا ادعى الجهل بتحريمها نظرنا فإن كان ناشئا ببلد الاسلام بين المسلمين لم تقبل دعواه لأن هذا لا يكاد يخفى على مثله فلا تقبل دعواه فيه وإن كان حديث عهد باسلام أو ناشئا بباديه بعيدة عن البدان قبل منه لأنه يحتمل ما قاله (فصل) ولا يجب الحد حتى يثبت شربه بأحد شيئين الاقرار أو البينة ويكفي في الاقرار مرة واحدة في قول عامة أهل العلم لأنه حد لا يتضمن اتلافا فأشبه حد القذف، وإذا رجع عن اقراره قبل رجوعه لأنه حد لله سبحانه فقبل رجوعه عنه كسائر الحدود ولا يعتبر مع الاقرار وجود رائحة وحكي عن أبي حنيفة لاحد عليه إلا أن توجد رائحة ولا يصح لأنه أحد بينتي الشرب فلم يعتبر معه وجود الرائحة كالشهادة ولأنه قد يقر بعد زوال الرائحة عنه، ولأنه اقرار بحد فاكتفي به كسائر الحدود
(٣٣١)