هذا فإنه يجب عليها أن تدفع عن نفسها ان أمكنها ذلك لأن التمكين منها محرم وفي ترك الدفع نوع تمكين فأما من أريدت نفسه أو ماله فلا يجب عليه الدفع لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة (اجلس في بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك) وفي لفظ (فكن عبد الله المتقول ولا تكن عبد الله القاتل) ولان عثمان ترك القتال مع امكانه مع ارادتهم نفسه، فإن قيل فقد قلتم في المضطر إذا وجد ما يدفع به الضرورة لزمه الاكل منه في أحد الوجهين فلم لم تقولوا ذلك ههنا؟ قلنا لأن الاكل يحيي به نفسه من غير تفويت نفس غيره وههنا في إحياء نفسه فوات نفس غيره فلم يجب عليه فاما ان أمكنه الهرب فهل يلزمه؟ فيه وجهان:
(أحدهما) يلزمه لأنه أمكنه الدفع عن نفسه من غير ضرر يلحق غيره فلزمه كالأكل في المخمصة (والثاني) لا يلزمه لأنه دفع عن نفسه فلم يلزمه كالدفع بالقتال (فصل) وإذا صال على انسان صائل يريد ماله أو نفسه ظلما أو يريد امرأة ليزني بها فلغير المصول عليه معونته في الدفع، ولو عرض اللصوص لقافلة جاز لغير أهل القافلة الدفع عنهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم (قال انصر أخاك ظالما أو مظلوما) وفي حديث (إن المؤمنين يتعاونون على الفتان) ولأنه لولا التعاون لذهبت أموال الناس وأنفسهم لأن قطاع الطريق إذا انفردوا بأخذ مال انسان لم يعنه غيره فإنهم يأخذون أموال الكل واحدا واحدا وكذلك غيرهم (فصل) وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتله فلا قصاص عليه ولادية لما روي أن عمر رضي الله عنه بينهما هو يتغدى يوما إذا قبل رجل يعدوا ومعه سيف مجرد ملطخ بالدم فجاء حتى قعد مع عمر فجعل يأكل واقبل جماعة من الناس فقالوا يا أمير المؤمنين ان هذا قتل صاحبنا مع امرأته فقال عمر ما يقول هؤلاء؟ قال ضرب الآخر فخذي امرأته بالسيف فإن كان بينهما أحد فقد قتله فقال لهم عمر ما يقول؟ قالوا ضرب بسيفه فقطع فخذي امرأته فأصاب وسط الرجل فقطعه باثنين فقال عمر ان عادوا فعد رواه هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أخرجه سعيد وإذا كانت امرأة مطاوعة فلا ضمان عليه فيها وان كانت مكرهة فعليه القصاص، وإذا قتل رجلا وادعى أنه وجده مع امرأته فأنكر وليه فالقول قول الولي لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن رجل دخل بيته فإذا مع امرأته رجل فقتلها وقتله قال علي ان جاء بأربعة شهداء والا فليعط برمته ولان الأصل عدم ما يدعيه فلا يسقط حكم القتل بمجرد الدعوى، واختلفت الرواية في البينة فروي أنها أربعة شهداء لخبر علي ولما روى أبو هريرة