وقيل هو موقوف على ابن عمر ثم يتعين حمله على إحصان القذف جميعا بين الحديثين فإن راويهما واحد وحديثنا صريح في الرجم فيتعين حمل خبرهم على الاحصان الآخر فإن قالوا: إنما رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين بحكم التوراة بدليل انه رجعها فلما تبين له ان ذلك حكم الله عليهم أقامه فيهم وفيها أنزل الله تعالى (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا) قلنا إنما حكم عليهم بما انزل الله إليه بدليل قوله تعالى (فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) ولأنه لا يسوغ للنبي صلى الله عليه وسلم الحكم بغير شريعته ولو ساغ ذلك لساغ لغيره، وإنما راجع التوراة لتعريفهم ان حكم التوراة موافق لما يحكم به عليهم وانهم تاركون لشريعتهم مخالفون لحكمهم. ثم هذا حجة لنا فإن حكم الله في وجوب الرجم إن كان ثابتا في حقهم يجب أن يحكم به عليهم، فقد ثبت وجود الاحصان فيهم فإنه لا معنى له سوى وجوب الرجم على من زنى منهم بعد وجود شروط الاحصان منه، وان منعوا ثبوت الحكم في حقهم فلم حكم به النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولا يصح القياس على احصان القذف لأن من شرطه العفة وليست شرطا ههنا (فصل) ولو ارتد المحصن لم يبطل احصانه فلو أسلم بعد ذلك كان محصنا. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه يبطل لأن الاسلام عنده شرط في الاحصان وقد بينا انه ليس بشرط ثم هذا داخل في عموم قوله عليه السلام (أو زنى بعد إحصان) ولأنه زنا بعد الاحصان فكان حده الرجم كالذي لم
(١٣٠)