(مسألة) قال (وإذا خلي الأسير منا وحلف أن يبعث إليهم بشئ يعينه أو يعود إليهم فلم يقدر عليه لم يرجع إليهم) وجملته أن الأسير إذا خلاه الكفار واستحلفوه على أن يبعث إليهم بفدائه أو يعود إليهم نظرت فإن أكرهوه بالعذاب لم يلزمه الوفاء لهم برجوع ولا فداء لأنه مكره فلم يلزمه ما أكره عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وإن لم يكره عليه وقدر على الفداء الذي التزمه لزمه أداؤه وبهذا قال عطاء والحسن والزهري والنخعي والثوري والأوزاعي، وقال الشافعي أيضا لا يلزمه لأنه حر لا يستحقون بدله ولنا قول الله تعالى (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم) ولما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية على رد من جاءه مسلما وفى لهم بذلك وقال (انا لا يصلح في ديننا الغدر) ولان في الوفاء مصلحة للأسارى وفي الغدر مفسدة في حقهم لأنهم لا يأمنون بعده والحاجة داعية إليه فلزمه الوفاء به كما يلزمه الوفاء بعقد الهدنة ولأنه عاهدهم على أداء مال فلزمه الوفاء به كثمن المبيع والمشروط في عقد الهدنة في موضع يجوز شرطه وما ذكروه باطل بما إذا شرط رد من جاءه مسلما أو شرط لهم مالا في عقد الهدنة. فأما إن عجز من الفداء نظرنا فإن كان المفادى امرأة لم ترجع إليهم ولم يحل
(٥٤٨)