وقال أبو الخطاب عندي إنه لا يجوز أن يقيم سنه بغير جزية وهذا قول الأوزاعي والشافعي لقول الله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ووجه الأول ان هذا كافر أبيح له الإقامة في دار الاسلام من غير التزام جزية فلم تلزمه جزية كالنساء والصبيان ولان الرسول لو كان ممن لا يجوز أخذ الجزية منه يستوي في حقه السنة فما دونها في أن الجزية لا تؤخذ منه في المدتين فإذا جازت له الإقامة في أحدهما جازت في الأخرى قياسا لها عليها وقوله تعالى (حتى يعطوا الجزية) أي يلتزمونها ولم يرد حقيقة الاعطاء وهذا مخصوص منها بالاتفاق فإنه يجوز له الإقامة من غير التزام لها ولان الآية تخصصت بما دون الحول فتقيس على المحل المخصوص (فصل) وإذا دخل حربي دار الاسلام بأمان فأودع ماله مسلما أو ذميا أو أقرضهما إياه ثم عاد إلى دار الحرب نظرنا فإن دخل تاجرا أو رسولا أو متنزها أو لحاجة يقضيها ثم يعود إلى دار الاسلام فهو على أمانه في نفسه وماله لأنه لم يخرج بذلك عن نية الإقامة بدار الاسلام فأشبه الذمي إذا دخل لذلك، وإن دخل مستوطنا بطل الأمان في نفسه وبقي في ماله لأنه بدخوله دار الاسلام بأمان ثبت الأمان لماله الذي معه فإذا بطل في نفسه بدخوله دار الحرب بقي في ماله لاختصاص المبطل بنفسه فيخص البطلان به فإن قتل فإنما يثبت الأمان لما له تبعا فإذا بطل في المتبوع بطل في التبع قلنا بل
(٤٣٧)