اختيار أبي بكر والثالثة يرجع إلى قول من ظاهر الحال يدل على صدقه فإن كان الكافر ذا قوة معه سلاحه فالظاهر صدقه، وإن كان ضعيفا مسلوبا سلاحه فالظاهر كذبه فلا يلتفت إلى قوله وقال أصحاب الشافعي لا يقبل قوله وإن صدقه المسلم لأنه لا يقدر على أمانه فلا يقبل اقراره به ولنا انه كافر لم يثبت أسره ولا نازعه فيه منازع فقبل قوله في الأمان كالرسول (فصل) ومن طلب الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الاسلام وجب أن يعطاه ثم يرد إلى مأمنه لا نعلم في هذا خلافا وبه قال قتادة ومكحول والأوزاعي والشافعي وكتب عمر بن عبد العزيز بذلك إلى الناس، وذلك لقول الله تعالى (وان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) قال الأوزاعي هي إلى يوم القيامة ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمن رسل المشركين ولما جاءه رسولا مسيلمة قال (لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما) ولان الحاجة تدعو إلى ذلك فانا لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت مصلحة المراسلة، ويجوز عقد الأمان لكل واحد منهما مطلقا ومقيدا بمدة سواء كانت طويلة أو قصيرة بخلاف الهدنة فإنها لا تجوز إلا مقيدة لأن في جوازها مطلقا تركا للجهاد وهذا بخلافه قال القاضي ويجوز أن يقيموا مدة الهدنة يغر جزية. قال أبو بكر وهذا ظاهر كلام احمد لأنه قيل له قال الأوزاعي لا يترك المشرك في دار الاسلام الا أن يسلم أو يؤدي فقال احمد إذا أمنته فهو على ما أمنته وظاهر هذا انه خالف قول الأوزاعي
(٤٣٦)