(فصل) ولا يجب الحد بوجود رائحه الخمر من فيه في قول أكثر أهل العلم منهم الثوري وأبو حنيفة والشافعي، وروى أبو طالب عن أحمد انه يحد بذلك وهو قول مالك لأن ابن مسعود جلد رجلا وجد منه رائحة الخمر وروي عن عمرانه قال: اني وجدت من عبيد الله ريح شراب فأقر انه شرب الطلا فقال عمر اني سائل عنه فإن كان يسكر جلدته ولان الرائحة تدل على شربه فجرى مجرى الاقرار والأول أولى لأن الرائحة يحتمل انه تمضمض بها أو حسبها ماء فلما صارت في فيه مجها أو ظنها لا تسكر أو كان مكرها أو أكل نبقا بالغا أو شرب شراب التفاح فإن يكون منه كرائحة الخمر وإذا احتمل لم يجب الحد الذي يدرأ بالشبهات وحديث عمر حجة لنا فإنه لم يحده بوجود الرائحة ولو وجب ذلك لبادر إليه عمر والله أعلم (فصل) وإن وجد سكران أو تقيأ الخمر فعن أحمد لاحد عليه لاحتمال أن يكون مكرها أولم يعلم أنها تسكر وهذا مذهب الشافعي ورواية أبي طالب عنه في الحد بالرائحة يدل على وجوب الحد ههنا بطريق الأولى لأن ذلك لا يكون الا بعد شربها فأشبه ما لو قامت البينة عليه بشربها وقد روى سيعد حدثنا هشيم حدثنا المغيرة عن الشعبي قال: لما كان من أمر قدامة ما كان جاء علقمة الخصي فقال أشهد أني رأيته يتقيؤها فقال مر من قاءها فقد شربها فضربه الحد وروى حصين بن المنذر الرقاشي قال شهدت عثمان وأتي بالوليد بن عقبه فشهد عليه حمران ورجل آخر فشهد أحدهما انه رآه شربها وشهد الآخر أنه رآه يتقيؤها، فقال عثمان انه لم يتقيأها حتى شربها فقال لعلي أقم عليه الحد فأمر علي عبد الله بن جعفر فضربه رواه مسلم وفي رواية له فقال:
عثمان لقد تنطعت في الشهادة، وهذا بمحضر من علماء الصحابة وسادتهم ولم ينكر فكان إجماعا ولأنه يكفي في الشهادة عليه أنه شربها ولا يتقيؤها أولا يكسر منها حتى يشربها