مخالفة الأصل بها أنها تثبت باللوث واللوث شبهة مغلبة على الظن صدق المدعي والقود يسقط بالشبهات فكيف يثبت بها؟ ولان الايمان في سائر الدعاوى تثبت ابتداء في جانب المدعى عليه وهذا بخلافه، وبين ضعفها أنها تثبت بقول المدعي ويمينه مع التهمة في حقه والشك في صدقه وقيام العداوة المانعة من صحة الشهادة عليه في اثبات حق لغيره فلان يمنع من قبول قوله وحده في اثبات حقه لنفسه أولى وأحرى، وفارق البينة فإنها قويت بالعدد وعدالة الشهود وانتفاء اتهمه في حقهم من الجهتين في كونهم لا يثبتون لأنفسهم حقا ولا نفعا ولا يدفعون عنها ضرا ولا عداوة بينهم وبين المشهود عليه ولهذا يثبت بها سائر الحقوق والحدود التي تنتفي بالشبهات.
إذا تبت هذا فلا قسامة فيما لاقود فيه في قول الخرقي فيطرد قوله في أن القسامة لا تشرع إلا في حق واحد، وعند غيره أن القسامة تجري فيما لا قود فيه فيجوز أن يقسموا في هذا على جماعة وهذا قول مالك والشافعي، فعلى هذا إن ادعى على اثنين على أحدهما لوث حلف على من عليه اللوت خمسين يمينا واستحق نصف الدية عليه وحلف الآخر يمينا واحدة وبرئ، وإن نكل عن اليمين فعليه نصف الدية، وإن ادعى على ثلاثة عليهم لوث ولم يحضر إلا واحد منهم، حلف على الحاضر منهم خمسين يمينا واستحق ثلث الدية، فإذا حضر الثاني ففيه وجهان (أحدهما) يحلف عليه خمسين يمينا أيضا ويستحق ثلث الدية لأن الحق لا يثبت على أحد الرجلين إلا بما يثبت على الآخر كالبينة فإنه يحتاج إلى إقامة البينة الكاملة على الثاني كإقامتها على الأول (والثاني) يحلف عليه خمسا وعشرين يمينا لأنهما لو حضرا معا لحلفا عليه خمسين يمينا حصة هذا منها خمس وعشرون وهذا الوجه ضعيف فإن اليمين لا تقسم عليهم إذا حضروا، ولو حلف كل واحد منفردا حصته من الايمان لم يصح ولم يثبت له حق وإنما الايمان عليهم جميعا وتتناولهم تناولا واحدا، ولأنها لو قسمت عليهم بالحصص لوجب أن لا يقسم على الأول أكثر من سبع عشرة يمينا وكذلك على الثاني لأن هذا القدر هو حصة من الايمان فعلى كلا التقديرين لاوجه لحلفه خمسا وعشرين يمينا، وإن قيل إنما حلف بقدر حصته وحصة الثالث فينبغي أن يحلف أربعا وثلاثين، وإذا قدم الثالث ففيه الوجهان