(فصل) ومن اقتنى كلبا عقورا فأطلقه فعقر انسانا أو دابة ليلا أو نهارا أو خرق ثوب انسان فعلى صاحبه ضمان ما أتلفه لأنه مفرط باقتنائه إلا أن يدخل انسان داره بغير إذنه فلا ضمان فيه لأنه متعد بالدخول متسبب بعد وانه إلى عقر الكلب له وان دخل بإذن المالك فعليه ضمانه لأنه تسبب إلى اتلافه، وان أتلف الكلب بغير العقر مثل ان ولغ في إناء انسان أو بال لم يضمنه مقتنيه لأن هذا لا يختص به الكلب العقور قال القاضي وان اقتنى سنورا يأكل أفراخ الناس ضمن ما أتلفه كما يضمن ما أتلفه الكلب العقور، ولا فرق بين الليل والنهار وان لم يكن له عادة بذلك لم يضمن صاحبه جنايته كالكلب إذا لم يكن عقورا ولو أن الكلب العقور أو السنور حصل عند انسان من غير اقتنائه ولا اختياره فافسد لم يضمنه لأنه لم يحصل الاتلاف بسببه (فصل) وان اقتنى حما ما أو غيره من الطير فأرسله نهارا فلقط حبا لم يضمنه لأنه كالبهيمة والعادة ارساله (مسألة) قال (وما جنت الدابة بيدها ضمن راكبها ما أصابت من نفس أو جرح أو مال وكذلك أن قادها أو ساقها) وهذا قول شريح وأبي حنيفة والشافعي وقال مالك لا ضمان عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) ولأنه جناية بهيمة فلم يضمنها كما لو لم تكن يده عليها ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل جبار) رواه سعيد باسناده عن هزيل بن شرحبيل عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتخصيص الرجل بكونه جبارا دليل على وجوب الضمان في جناية غيرها ولأنه يمكنه حفظها عن الجناية إذا كان راكبها أو يده عليها بخلاف من لا يد له عليها وحديثه محمول على من لا يدله عليها (مسألة) قال (وما جنت برجلها فلا ضمان عليه) وبهذا قال أبو حنيفة، وعن أحمد رواية أخرى أنه يضمنها وهو قول شريح والشافعي لأنه من جناية بهيمة يده عليها فيضمنها كجناية يده.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل جبار) ولأنه لا يمكنه حفظ رجلها عن الجناية فلم يضمنها كما لو لم تكن يده عليها، فأما ان كانت جنايتها بفعله مثل ان كبحها بلجامها أو ضربها في وجهها ونحو ذلك ضمن جناية رجلها لأنه السبب في جنايتها فكان ضمانها عليه، ولو كان السبب في جنايتها غيره