هو يتولى افسادها ولأنها إذا انقلبت بنفسها فقد زالت علة تحريمها من غير علة خلفتها فطهرت كالماء إذا زال تغيره بمكثه، وإذا ألقى فيها شئ تنجس بها ثم إذا انقلبت بقي ما ألقي فيها نجسا فنجسها وحرمها، فاما ان نقلها من موضع إلى آخر فتخللت من غير أن يلقي فيها شيئا فإن لم يكن قصد تخليلها حلت بذلك لأنها تخللت بفعل الله تعالى فيها، وإن قصد بذلك تخليلها احتمل أن تطر لأنه لا فرق بينهما إلا القصد فلا يقتضي تحريمها ويحتمل أن لا تطهر لأنها خللت فلم تطهر كما لو ألقي فيها شئ (مسألة) قال (والشرب في آنية الذهب والفضة حرام) هذا قول أكثر أهل العلم، وحكي عن معاوية بن قرة أنه قال لا بأس بالشرب من قدح فضة وحكي عن الشافعي قول انه مكروه غير محرم لأن النهي لما فيه من التشبه بالأعاجم فلا يقتضي التحريم ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجر جر في بطنه نار جهنم) وقال (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحا فها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) أخرجهما البخاري ومقتضى نهيه التحريم وقد توعد عليه بنار جنهم فإن معنى قوله (تجرجر في بطنه نار جهنم) اي هذا سبب لنا جنهم لقول الله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) فلم يبق في تحريمه اشكال وقد روي أن حذيفة استسقى فأتاه دهقان باناء من فضة فرماه به فلو أصابه الكسر منه شيئا ثم قال إنما رميته به لأنني نهيته عنه وذكر هذا الخبر وهذا يدل على أنه فهم التحريم من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استحل عقوبته لمخالفته إياه (فصل) ويحرم اتخاذ الآنية من الذهب والفضة واستصناعها لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالطنبور والمزمار، ويستوي في ذلك الرجال والنساء لعموم الحديث، ولأن علة تحريمها السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهذا معنى يشمل الفريقين وإنما أبيح للنساء التحلي للحاجة إلى التزين للأزواج فتختص الإباحة به دون غيره؟ فإن قيل لو كانت العلة ما ذكرتم لحرمت آنية الياقوت ونحوه مما هو أرفع من الأثمان، قلنا تلك لا يعرفها الفقراء فلا تنكسر قلوبهم باتخاذ الأغنياء لها لعزم معرفتهم بها، ولان قلتها في نفسها تمنع اتخاذها فيستغنى بذلك عن تحريمها بخلاف الأثمان
(٣٤٤)