(فصل) وتجب الكفارة في شبه العمد ولم أعلم لأصحابنا فيه قولا لكن مقتضى الدليل ما ذكرناه ولأنه أجري مجرى الخطأ في نفي القصاص وحمل العاقلة ديته وتأجيلها في ثلاث سنين فجرى مجراه في وجب الكفارة ولان القاتل إنما لم يحمل شيئا من الدية لتحمله الكفارة فلو لم تجب عليه الكفارة تحمل من الدية لئلا يخلو القاتل عن وجوب شئ أصلا ولم يرد الشرع بهذا (فصل) وكفارة القتل عتق رقبة مؤمنة بنص الكتاب سواء كان القاتل أو المتقول مسلما أو كافرا فإن لم يجدها في ملكه فاضلة عن حاجته أو يجد ثمنها فاضلا عن كفايته فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وهذا ثابت بالنص أيضا فإن لم يستطع ففيه روايتان:
(إحداهما) يثبت الصيام في ذمته ولا يجب شئ آخر لأن الله تعالى لم يذكره ولو وجب لذكره (والثاني) يجب اطعام ستين مسكينا لأنها كفارة فيها عتق وصيام شهرين متتابعين فكان فيها إطعام ستين مسكينا عند عدمها ككفارة الظهار والفطر في رمضان وان لم يكن مذكورا في نص القرآن فقد ذكر ذلك في نظيره فيقاس عليه فعلى هذه الرواية ان عجز عن الاطعام ثبت في ذمته حتى يقدر عليه وللشافعي قولان في هذا كالروايتين والله أعلم (مسألة) قال (وما أوجب القصاص فلا يقبل فيه الا عدلان) وجملته أن ما أوجب القصاص في نفس كالقتل العمد العدوان من المكافئ أو في طرف كقطعه من مفصل عمدا ممن يكافئه فلا يقل فيه إلا شهادة رجلين عدلين ولا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ولا شاهد ويمين الطالب لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا وذلك لأن القصاص إراقة دم عقوبة على جناية فيحتاط له باشتراط الشاهدين العدلين كالحدود وسواء كان القصاص يجب على مسلم أو كافر أو حر أو عبد لأن العقوبة يحتاط لدرئها، وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه لا يقبل في الشهادة على القتل الا شهادة أربعة وهذا مذهب الحسن لأنها شهادة يثبت بها القتل فلم يقبل أقل من أربعة كالشهادة على الزنا من المحصن