فقال إن أقاموا في بلد العدو حتى رجع أسهم لهم، وان رجعوا حتى صاروا إلى مأمنهم فلا شئ لهم، قيل له فإن اعتل رجل أو اعتلت دابته وقد أدرب، فقال له الأمير أقم أسهم لك أو انصرف إلى أهلك أسهم لك فكرهه وقال هذا ينصرف إلى أهل فكيف يسهم له؟
(فصل) يجوز قسم الغنائم في دار الحرب وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي وابن المنذر وأبو ثور وقال أصحاب الرأي لا تنقسم إلا في دار الاسلام لأن الملك لا يتم عليها إلا بالاستيلاء التام ولا يحصل الا باحرازها في دار الاسلام وان قسمت أساء قاسمها وجازت قسمته لأنها مسألة مجتهد فيها فإذا حكم الإمام فيها بما يوافق قول بعض المجتهدين نفذ حكمه ولنا ما روى أبو إسحاق الفزاري قال: قلت للأوزاعي هل قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الغنائم بالمدينة؟ قال لا أعلمه إنما كان الناس يتبعون غنائمهم ويقسمونها في أرض عدوهم ولم يعقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غراة قط أصاب فيها غنيمة إلا خمسه وقسمه من قبل أن يقفل من ذلك عروة بني المطلق وهوازن وخيبر ولان كل دار صحت القسمة فيها جازت كدار الاسلام، ولان الملك ثبت فيها بالقهر والاستيلاء فصحت قسمتها كما لو أحرزت بدار الاسلام، والدليل على ثبوت الملك فيها أمور ثلاثة