قبل توبة سحرة فرعون وجعلهم من أوليائه في ساعة، ولان الساحر كان كافرا فأسلم صح إسلامه وتوبته فإذا ضحت التوبة منهما صحت من أحدهما كالكفر، ولان الكفر والقتل إنما هو بعمله بالسحر لا بعلمه بدليل الساحر إذا أسلم والعمل به يمكن التوبة منه، وكذلك اعتقاد ما يكفر باعتقاده يمكن التوبة منه كالشرك، وهاتان الروايتان في ثبوت حكم التوبة في الدنيا من سقوط القتل ونحوه فاما فيما بينه وبين الله تعالى وسقوط عقوبة الدار الآخرة عنه فيصح فإن الله تعالى لم يسد باب التوبة عن أحد من خلقه ومن تاب إلى الله قبل توبته لا نعلم في هذا خلافا (فصل) والسحر الذي ذكرنا حكمه هو الذي يعد في العرف سحرا مثل فعلى لبيد بن الأعصم حين سحر النبي صلى الله عليه وسلم في مشط ومشاطة، وروينا في مغازي الأموي ان النجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عماره بن الوليد فهام مع الوحش فلم يزل معها إلى امارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمسكه انسان فقال خلني وإلا مت فلم يخله فمات من ساعته، وبلغنا أن بعض الامراء اخذ ساحرة فجاء زوجها كأنه محترق فقال قولوا لها تحل عني فقالت ائتوني بخيوط وباب فجلست على الباب حين أتوها به وجعلت تعقد وطار بها الباب فلم يقدروا عليها، فهذا وأمثاله مثل أن يعقد الرجال المتزوج فلا يطيق وطئ زوجته هو السحر المختلف في حكم صاحبه، فاما الذي يعز على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ويأمرها فتطيعه فهذا لا يدخل في هذا الحكم ظاهرا، وذكره القاضي وأبو الخطاب في جملة السحرة، وأما من يحل السحر فإن كان بشئ من القرآن أو شئ من الذكر والأقسام والكلام الذي لا باس به فلا بأس به وإن كان بشئ من السحر فقد توقف احمد عنه قال الأثرم سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر فقال قد رخص فيه بعض الناس، قيل لأبي عبد الله انه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه ويعمل كذا فنفض يده كالمنكر وقال ما أدري ما هذا، قيل له فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر؟ فقال ما أدري ما هذا وروي عن محمد بن سيرين انه سئل عن امرأة يعذبها السحرة فقال رجل أخط خطا عليها واغرز السكين عن مجمع الخط واقرأ القرآن فقال محمد ما اعلم بقراءة القرآن بأسا على حال ولا أدري
(١١٧)