(فصل) ومن أسر أسيرا لم يكن له قتله حتى يأتي به الإمام فيرى فيه رأيه لأنه إذا صار أسيرا فالخيرة فيه إلى الإمام، وقد روي عن أحمد كلام يدل على إباحة قتله فإنه قال لا يقتل أسير غيره إلا أن يشاء الوالي فمفهومه ان له قتل أسيره بغير إذن الوالي لأن له ان يقتله ابتداء فكان له قتله دواما كما لو هرب منه أو قاتله، فإن امتنع الأسيران ينقاد معه فله اكراهه بالضرب وغيره فإن لم يمكنه اكراهه فله قتله وان خافه أو خاف هربه فله قتله أيضا وان امتنع من الانقياد معه لجرح أو مرض فله قتله أيضا وتوقف احمد عن قتله، والصحيح انه يقتله كما يذفف على جريحهم ولان تركه حيا ضرر على المسلمين وتقوية للكفار فتعين القتل كحالة الابتداء إذا أمكنه قتله وكجريهم إذا لم يأسره. فاما أسير غيره فلا يجوز له قتله إلا أن يصير إلى حال يجوز قتله لمن اسره وقد روى يحيى بن أبي كثير ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يتعاطين أحدكم أسير صاحبه إذا اخذه فيقتله) رواه سعيد فإن قتل أسيره أو أسير غير قبل ذلك أساء ولم يلزمه ضمانه وبهذا قال الشافعي وقال الأوزاعي ان قتله قبل ان يأتي به الإمام لم يضمنه، وان قتله بعد ذلك غرم ثمنه لأنه أتلف من الغنيمة ما له قيمة فضمنه كما لو قتل امرأة.
ولنا ان عبد الرحمن بن عوف أسر أمية بن خلف وابنه عليا يوم بدر فرآهما بلال فاستصرخ الأنصار عليهما حتى قتلوهما ولم يغرموا شيئا ولأنه أتلف ما ليس بمال فلم يغرمه كما لو أتلفه قبل ان