إنما يسقط بسبب من جهة المستحق له فنظير مسئلتنا أن يجن المستحق للقصاص فإنه لا يستوفي حال جنونه (فصل) ومن أصاب حدا ثم ارتد ثم أسلم أقيم عليه حده وبهذا قال الشافعي سواء لحق بدار الحرب في ردته أو لم يلحق بها. وقال قتادة في مسلم أحدث حدثا ثم لحق بالروم ثم قدر عليه إن كان ارتد درئ عنه الحد وان لم يكن ارتد أقيم عليه ونحو هذا قال أبو حنيفة والثوري إلا حقوق الناس لأن ردته أحبطت عمله فأسقطت ما عليه من حقوق الله تعالى كمن فعل ذلك في حال شركه.
ولان الاسلام يجب ما قبله ولنا انه حق عليه فلم يسقط بردته كحقوق الآدميين. وفارق ما فعله في شركه فإنه لم يثبت حكمه في حقه. وأما قوله الاسلام (يجب ما قبله) فالمراد به ما فعله في كفره لأنه لو أراد ما قبل ردته أفضى إلى كون الردة التي هي أعظم الذنوب مكفرة للذنوب وان من كثرت ذنوبه ولزمته حدود يكفر ثم يسلم فتكفر ذنوبه وتسقط حدوده (فصل) فاما ما فعله في ردته فقد نقل مهنا عن أحمد قال سألته عن رجل ارتد عن الاسلام فقطع الطريق وقتل النقس ثم لحق بدار الحرب فاخذه المسلمون فقال تقام فيه الحدود ويقتص منه وسألته عن رجل ارتد فلحق بدار الحرب فقتل بها مسلما ثم رجع تائبا وقد أسلم فأخذه وليه يكون عليه