(فصل) ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في سائر الحدود انه إذا أتي بها على الوجه المشروع من غير زيادة أنه لا يضمن من تلف بها وذلك لأنه فعلها بأمر الله وامر رسوله فلا يؤخذ به ولأنه نائب عن الله تعالى فكان التلف منسوبا إلى الله تعالى وان زاد على الحد فتلف وجب الضمان بغير خلاف نعلمه لأنه تلف بعدوانه فأشبه ما لو ضربه في غير الحد قال أبو بكر وفي قدر الضمان قولان (أحدهما) كمال الدية لأنه قتل حصل من جهة الله وعدوان الضارب فكان الضمان على العادي كما لو ضرب مريضا سوطا فمات به ولأنه تلف بعدوان وغيره فأشبه ما لو ألقى على سفينة موقرة حجرا فغرقها (والثاني) عليه نصف الضمان لأن تلف بفعل مضمون وغير مضمون فكان الواجب نصف الدية كما لو جرح نفسه وجرحه غيره فمات، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في أحد قوليه وقال في الآخر يجب من الدية بقسط ما تعدى به تقسط الدية على الأسواط كلها وسواء زاد خطأ أو عمدا لأن الضمان يجب في الخطأ والعمد، ثم ينظر فإن كان الجلاد زاده من عند نفسه بغير أمر فالضمان على عاقلته، لأن العدوان منه، وكذلك أن قال الإمام له اضرب ما شئت فالضمان على عاقلته وإن كان له من يعد عليه فزاد في العدد ولم يخبره فالضمان على من بعد سواء تعمد ذلك أو أخطأ في العدد لأن الخطأ منه وان أمره الإمام بالزيادة على الحد فزاد فقال القاضي الضمان على الإمام وقياس المذهب أنه إن اعتقد وجوب طاعة الإمام وجهل تحريم الزيادة فالضمان على الإمام وإن كان عالما بذلك فالضمان عليه كما لو أمره الإمام بقتل رجل ظلما فقتله وكل موع قلنا يضمن الإمام فهل يلزم عاقلته أو بيت المال؟ فيه روايتان.
(٣٣٤)