ولنا قول الله تعالى (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم) فخيره بين الامرين ولا خلاف في أن هذه الآية زلت فيمن وادعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود المدينة ولأنهما كافران فلا يجب الحكم بينهما كالمعاهدين، والآية التي احتجوا بها محمولة على من اختار الحكم بينهم لقوله تعالى (وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط) جمعا بين الآيتين فإنه لا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع فإذا ثبت هذا فإنه إذا حكم بينهم لم يجزله الحكم إلا بحكم الاسلام للآيتين ولأنه لا يجوز له الكم إلا بالقسط كما في حق المسلمين ومتى حكم بينهما ألزمهما حكمه، ومن امتنع منهما أجبره على قبول حكمه وأخذه به لأنه إنما دخل في العهد بشرط التزام أحكام الاسلام. قال احمد لا يبحث عن أمرهم ولا يسئل عن أمرهم إلا أن يأتوا هم فإن ارتفعوا إلينا أقمنا عليهم الحد على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقال أيضا حكمنا يلزمهم وحكمنا جائز على جميع الملل ولا يدعوهما الحكم فإن جاءوا حكمنا بحكمنا. إذا ثبت هذا فإنه إذا رفع إلى الحاكم من أهل الذمة من فعل محرما يوجب عقوبة مما هو محرم عليهم في دينهم
(١٩٩)