والجواب أنه لا دلالة للشافعي في هذا الخبر، لأن الفرقة بلعان الزوج قد كانت واقعة عنده، وإنما تلفظ بالطلاق الثلاث بعد ما بانت منه فلم يكن لقوله حكم، فإن قال: فألا أنكر النبي ص على العجلاني في التلفظ بالثلاث في وقت واحد، قلنا: فألا أنكر ع عليه اعتقاده أن طلاقه يؤثر بعد اللعان والعذر في ترك إنكار هذا هو العذر في ترك إنكار ذاك على أن خبر العجلاني وما أشبهه من الأخبار خبر واحد وقد بينا أن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا وهو معارض بأخبار كثيرة تتضمن أن إيقاع التطليقات الثلاث في الحال الواحدة بدعة وخلاف السنة فإن احتج من يذهب إلى أن الطلاق الثلاث يقع وإن كان بدعة بما روي في حديث ابن عمر من أنه قال للنبي ص : أ رأيت لو طلقتها ثلاثا، فقال ع: إذا عصيت ربك وبانت منك امرأتك، فالذي يبطل ذلك أنه لا تصريح في قوله: أ رأيت لو طلقتها ثلاثا بأنني كنت أفعل ذلك بكلمة واحدة وحالة واحدة، ويجوز أن يكون مراده أنني لو طلقتها ثلاثا في ثلاثة أطهار يتخللها المراجعة فلا شبهة في أن من طلق امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار أنه يسمى مطلقا ثلاثا.
فإذا قيل: لا فائدة على هذا الوجه في قوله ع: إذا عصيت ربك وبانت منك امرأتك.
قلنا: يحتمل ذكر المعصية أمرين:
أحدهما أن يكون النبي ص كان يعلم من زوجة ابن عمر خيرا وبرا يقتضيان المعصية بفراقها، والأمر الآخر أنه مكروه للزوج أن يخرج نفسه من التمكن من مراجعة المرأة، لأنه لا يدري كيف يتقلب قلبه، وربما دعته الدواعي القوية إلى مراجعتها فإذا خرج أمرها من يده ربما هم بالمعصية، ومن أبان زوجته بالتطليقات الثلاث في الأطهار الثلاثة، والمراجعة في خلال ذلك فهو محرم لها على نفسه حتى تنكح زوجا غيره، ووجه كراهية ذلك له ما ذكرناه.
وجواب ثان في تأويل الخبر وهو أن يحمل قوله ع: بانت زوجتك، على أنها إذا خرجت من العدة بانت، فإن المطلق ثلاثا بلفظ واحد يقع منه تطليقة واحدة على