مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن الطلاق في الحيض لا يقع، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى وقوعه إلا ابن علية فإنه روي عنه أن الطلاق في الحيض لا يقع.
والحجة لنا بعد إجماع الطائفة أنه لا خلاف أن الطلاق في الحيض بدعة ومعصية، وإن اختلف في وقوعه ولأن الله قال: تعالى (فطلقوهن لعدتهن) وفسروا ذلك بالطهر الذي لا جماع فيه، وإذا ثبت أن الطلاق في الحيض بدعة ومخالف لما أمر الله تعالى بإيقاع الطلاق عليه ثبت أنه لا يقع لأنا قد بينا أن النهي بالعرف الشرعي يقتضي الفساد وعدم الاجزاء.
وأيضا فإن الطلاق حكم شرعي بغير شبهة ولا سبيل إلى إثبات الأحكام الشرعية إلا بأدلة شرعية، وقد ثبت بإجماع أنه إذا طلق في طهر مع باقي الشرائط وقعت الفرقة ولم يثبت مثل ذلك في طلاق الحيض فيجب نفي وقوعه، ويمكن أن نورد عليهم على سبيل المعارضة ما يروونه من أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي ص عن ذلك فردها عليه ولم يره شيئا، وهذا صريح في عدم وقوعه وتأثيره.
فإن قالوا: المراد بذلك لم يره إثما أو لم يره طلاقا بائنا، قلنا: الظاهر من لفظة شئ مع النفي عدم التأثيرات كلها، ولو أراد ما ذكرتم لعدل عن هذه العبارة إلى أن يقول: لم يره إثما، أو بائنا على أنا نحمل ذلك على ما قلتم، وقلنا: لأن اللفظ إذا احتمل الكل حمل على جميعه.
ونعارض أيضا بما يروونه من أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فقال النبي ص الله عليه وآله لعمر أبيه: مره ليراجعها ثم ليدعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم ليطلقها إن شاء، وأمر النبي ص ظاهره الوجوب، وإذا أمر بالمراجعة وأوجبها دل على أن الطلاق لم يقع.
فإن قيل: إذا كان الطلاق في الحيض لا يقع، فأي معنى لقوله ع مره فليراجعها، والرجعة لا تكون إلا بعد طلاق سبق.
قلنا: معنى فليراجعها - أي يردها إلى منزله ولا يفارقها، فإن ابن عمر كان فارقها واعتزلها لما طلقها في الحيض، وظن أن طلاقه واقع فأخبره النبي ص بأن قوله