ورفع الجهالة عنها، وإذا لم يفعل ذلك فقد تعدى المشروع، وقد بينا أن الفساد تابع لما خالف الشرع، ومذهب مالك أبعد من مذهب الجماعة لأنه إنما طلق واحدة وإن كانت لا بعينها فكيف يطلق عليه جميع نسائه، وقول غيره من الفقهاء في هذه المسألة أقرب إلى الصواب.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن تعليق الطلاق بجزء من أجزاء المرأة أي جزء كان لا يقع به طلاق، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، فقال أبو حنيفة وأصحابه إلا زفر: إذا علق الطلاق بما يعبر به عن جملة البدن مثل الرأس والجسد والبدن أو عن جزء شائع مثل ربعك أو نصفك وقع الطلاق ولا يقع بما عدا ذلك.
وقال الشافعي: إذا علقه بكل بعض من أبعاضها مثل يدك أو رجلك أو شعرك أو غير ذلك من الأبعاض وقع الطلاق، ووافقه على ذلك ابن أبي ليلى وزفر ومالك والليث وابن حي.
دليلنا على ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة أن تعليق الطلاق ببعضها ليس من الألفاظ المشروعة في الطلاق فيجب أن لا يقع، وأيضا فإن الطلاق حكم شرعي، وقد ثبت أنه إذا علقه بها وكملت الشرائط وقع، ولم يثبت أنه إذا علقه ببعضها وقع، والحكم الشرعي يجب نفيه بانتفاء دليل شرعي عليه.
ومما يمكن أن يستدل به قوله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فجعل الطلاق واقعا بما يتناوله اسم النساء واليد والرجل لا يتناولهما هذا الاسم بغير شبهة، وفرق أبي حنيفة بين الرقبة والرأس والفرج وبين اليد والرجل، لأنهم يقولون: عنده كذا وكذا رأسا من العبيد والإماء وكذا كذا رقبة وكذا فرجا غير صحيح، لأن جميع ما ذكروه مجاز واستعارة، وكلامنا على الحقائق، ولأن اليد قد يعبر بها أيضا عن جميع البدن لأنهم رووا عن النبي ص أنه قال: على اليد ما أخذت حتى ترده، وأراد به الجملة وقال الله تعالى: تبت يدا أبي لهب وتب، وقال تعالى: فبما كسبت أيديكم، وإنما أراد الجملة دون البعض.