مطلقة - أعني من أعتقها في حال حياته - فلا يلزمها عدة المطلقة، ولزوم العدة حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ولا دلالة على ذلك من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع منعقد والأصل براءة الذمة.
وقال رحمه الله في نهايته: وإذا طلق الرجل زوجته الحرة ثم مات عنها، فإن كان طلاقا يملك فيه الرجعة فعدتها أبعد الأجلين أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن لم يملك رجعتها كان عدتها عدة المطلقة.
قال محمد بن إدريس: قوله رحمه الله: فعدتها أبعد الأجلين، عبارة غير متعارفة بين الفقهاء في هذا الموضع وإنما يقال ذلك عندنا في الحامل المتوفى عنها زوجها فحسب، وإنما مقصوده رحمه الله أن الطلاق وإن كان يملك المطلق فيه الرجعة ثم مات وهي في العدة فالواجب عليها أن تعتد منذ يوم مات أربعة أشهر وعشرة أيام، ولا تحتسب بما اعتدت به ولا يبني عليه، وتستأنف عدة الوفاة التي هي أطول من العدة التي كانت فيها، أعني عدة الطلاق فلأجل ذلك قال: أبعد الأجلين، لأن الرجعية عندنا زوجة فتناولها - إذا مات عنها زوجها - ظاهر القرآن من قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، وهذا وذر زوجة فيجب عليها التربص منذ يوم مات أربعة أشهر وعشرا.
لأنه تعالى أراد أن يتربص منذ يوم مات فإذا بنت على ما اعتدت من عدة الطلاق ما تربصت منذ يوم مات أربعة أشهر وعشرا.
فأما إذا كان عدة الطلاق لا يملك فيه الرجعة فتتمم على ما اعتدت إلى أن تستوفى عدة الطلاق دون عدة الوفاة لأنه ما مات عن زوجة ولا مات لها زوج هي في حباله بل هو أجنبي منها وهي أجنبية منه، فهذا الفرق بين الموضعين والمميز بين المسألتين.
وعدة اليهودية والنصرانية مثل عدة الحرة المسلمة إذا مات عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، وقد قدمنا أن المتوفى عنها زوجها عليها الحداد إذا كانت حرة، فإن كانت أمة لم يكن عليها حداد.
هكذا ذكره شيخنا في نهايته ورجع عنه في مبسوطه وقال يلزمها الحداد لعموم الخبر المروي عن الرسول ع من قوله: لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على أحد فوق الثلاث