فالظهار الحقيقي الذي ورد به الشرع هو أن يشبه الرجل جملة زوجته بظهر أمه أو إحدى المحرمات عليه فيقول: أنت على كظهر أمي أو بنتي، أو يذكر غيرهما من المحرمات عليه كالأخت أو ابنتها أو العمة أو الخالة وما جرى مجرى ذلك، فليس يصح حتى ينوي الرجل به التحريم ويشهد عليه شاهدين في مجلس واحد، وتكون الزوجة طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع، فإن اختل مما ذكرناه شئ لم يصح الظهار، وكذلك لا يقع صحيحا إذا كان مشروطا ولا يقع أيضا صحيحا إذا كانت المرأة حائضا، ولا يقع إلا بزوجة مدخول بها حرة كانت أو أمة.
فإن كانت ملك يمين لم يقع بها ظهار وكذلك لا يقع بالتي لم يدخل بها، ويقع بالزوجة إذا كانت حاملا، فإن قال لها: أنت مني كظهر أمي أو أنت معي أو عندي أو ما جرى مجرى ذلك، كان مظاهرا لأن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، وكذلك إذا قال: نفسك علي كظهر أمي، أو جسمك أو بدنك أو ما جرى مجرى ذلك كان ظهارا، فإن شبه زوجته بعضو من أعضاء الأم غير الظهر مثل أن يقول: أنت علي كبطن أمي أو كفرج أمي أو كرأس أمي، أو شبه عضوا من أعضاء زوجته بظهر أمه مثل أن يقول:
فرجك أو رجلاك أو رأسك، وما جرى مجرى ذلك وكذلك قوله: رجلك على كرجل أمي أو بطنك علي كبطن أمي أو فرجك علي كفرج أمي وما أشبه ذلك، ونوى الظهار كان بجميع ذلك مظاهرا.
فإن قال لها: أنت علي كأمي أو مثل أمي كان ذلك كناية، يحتمل مثل أمي في الكرامة ويحتمل مثلها في التحريم فالتحريم يرجع إليه، فإن قال: مثلها في الكرامة، لم يكن ظهارا، وإن قال: أردت مثلها في الترحيم، كان ظهارا وإن أطلق لم يكن ظهارا، لأنها كناية لم يتعلق الحكم بمجردها إلا ببينة.
فإن قال لها: أنت على كظهر أبي، لم يكن ظهارا نوى أو لم ينو، فإن شبه زوجته بإحدى جداته من قبل أبيه أو من قبل أمه قريبة كانت أو بعيدة، كان بذلك مظاهرا لأن الأم يطلق عليها حقيقة ومجازا، وإن كان في ذلك خلاف إلا أن الظاهر عندنا ما ذكرناه،