بعضها، فيمكن حمل تلك الأخبار الدالة على عدم وجوب الامساك عن الرائحة المنتنة قبال ما تدل على وجوب الامساك عن الرائحة الطيبة فلا يكون النهي الوارد مورد توهم الأمر ظاهرا في الحرمة، بل يكون ظاهرا في رفع الالزام والوجوب.
ولكن التحقيق إن قياس المقام وتنظيره بمورد توهم الحظر في مقام الأمر، قياس مع الفارق، فإن الأمر الوارد في مقام توهم الحظر إنما يكون إذا نهى عن شئ يمكن أن يكون شئ آخر منهيا عنه أيضا لتساويهما في الجهة المقتضية للنهي، فإذا ورد أمر متعلق بذلك الشئ الآخر لا يكون ظاهرا في الوجوب، بل يكون ظاهرا في عدم شمول النهي الوارد له، إذا توهم واحتمل شموله له، فحينئذ يقال الأمر وارد في مقام توهم الحظر وكذا النهي الوارد مورد توهم الأمر ضرورة أنه إنما يصح إذا أمر بوجوب شئ أو أشياء واحتمل أن يكون شئ آخر واجبا أيضا لتساويهما في الجهة المقتضية للأمر، فإذا ورد نهي في مثل المورد لا يكون ظاهرا في الحرمة، بل المتبادر منه، عدم شمول الأمر والالزام له، ويقال إن النهي وارد مورد توهم الأمر، وما نحن فيه ليس كذلك فإن الأخبار الدالة على وجوب الامساك عن الرائحة الطيبة وعن كل طيب التذاذ فيه أو بهجة له، لا يحتمل شموله للرائحة الكريهة والجيفة المنتنة أصلا، لعدم الالتذاذ بها والنشاط فيها، فإذا ورد نهي يدل على أن المحرم لا يمسك أنفه عن الجيفة، لا يصح أن يقال إن النهي هنا وارد مورد توهم الأمر والالزام إذ لا توهم لشمول الأمر للمقام للفرق بين المقامين، فالخدشة من تلك الجهة مخدوشة، فلا بد من نقل الأخبار ثم التأمل فيها وقد عقد صاحب الوسائل بابا لذلك وقال باب أنه يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة، ولا يجوز له أن يمسك على أنفه من الرائحة الكريهة ويعلم من عنوان الباب إن صاحب الوسائل إنما استفاد من النصوص عدم جواز الامساك من الرائحة الكريهة.
1 - (منها) صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " المحرم يمسك على