الآية ولا الأدلة الأخرى كما يشهد لذلك مناسبة الحكم للموضوع لوضوح أن المريض المحرم الذي يجوز له إزالة الشعر عن رأسه وحلقه، هو الذي يرتبط مرضه بوجود الشعر أو يتوقف علاجه بإزالته بحيث إن للشعر وعدمه دخالة وتأثيرا في برئه وعدمه كما لو قيل، يجوز للمريض أن يفطر، إذ يعلم منه أن المرض الذي يضر بالصائم وأن الامساك الذي بوجوب ذلك مجوز للافطار وإلا لو كان المرض بحيث لا يضر الصائم أصلا أو كان علاجه بالامساك عن الطعام والشراب ومفيدا فيه، لا يجوز له الافطار، وفي المقام أيضا كذلك، فالمرض الذي يقتضي كشف الرأس وإزالة الشعر أو قطعه يجوز إزالته للمحرم عن رأسه أو ساير بدنه إذا تضرر به، وإلا فلا وأما الأذى في الرأس يمكن أن يكون من جهة المرض فحكمه ما تقدم أو غيره كما في قضية الأنصاري فيجوز إزالة الشعر لدفع القمل والأذى نعم لو تولد القمل من البدن كما في بعض الأمراض فهو داخل في المرض وكذا البراغيث والحاصل أن الأذى في مقابل المرض والجامع بينهما هو الموجب لجواز إزالة الشعر عن الرأس أو جميع البدن وتدل عليه الآية المتقدمة والروايات والأصل والاجماع و ادعى عدم الخلاف فيه أما الآية قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك البقرة الآية 196.
وأما الرواية فمنها ما رواه حريز عن أبي عبد الله قال مر رسول الله على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم، فقال أيؤذيك هوامك فقال: نعم، قال: فأنزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه الآية.
فأمره رسول الله بحلق رأسه وجعل عليه الصيام ثلاثة أيام والصدقة على سنين مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة (1) وفي رواية أخرى مر النبي صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة الأنصاري وهو محرم