وقد أكل القمل رأسه وحاجبه وعينيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت أرى أن الأمر يبلغ ما أرى فأمره فنسك نسكا لحلق رأسه لقول الله عز وجل فمن كان منكم مريضا الآية (1) وأما الاجماع فقد ادعي بقسميه، وفي الجواهر بلا خلاف أجده فيه، و عن المنتهى لو كان له عذر من مرض أو وقع في رأسه قمل أو غير ذلك من أنواع الأذى جاز له الحلق اجماعا وأما الأصل فتوضيحه أنه يمكن أن يقال: إن القدر المتيقن من أدلة حرمة إزالة الشعر على المحرم هو المختار وغير المتأذي من الشعر، وأما المضطر لو شككنا فيه فيجري الأصل فيه ويحكم بعدم الحرمة مضافا إلى عموم أدلة الاضطرار ورفع ما اضطروا إليه وعموم رفع العسر والحرج.
ويمكن أن يقال في الفرق بين المرض والعسر والحرج إن الحرج إنما يرفع الحكم إذا كان التكليف وتحمله حرجا ذا مشقة، بخلاف المرض إذ قد يوجد مورد يقتضي المرض رفع الحكم ويشمله دليله ولكنه قابل للتحمل ولا يكون حرجيا ولا يشمله دليل العسر والحرج، فالتمسك بدليل الحرج إنما يتبع المشقة والحرج، بخلاف المرض فإنه تابع للضرر وعدمه وإن لم يكن حرجيا.
ثم إنه هل يقتصر في الحكم بجواز إزالة الشعر عن الرأس وثبوت الفدية، بما ذكر في الآية من المرض والأذى في الرأس بكثرة القمل أو يتعدى إلى كل مرض وأذية واضطرار وحاجة، أما جواز إزالة الشعر بالمرض والأذى لا يختص بالرأس بل يشمل جميع موارد الضرورة والحاجة ولا يختص بمورد الآية وأما الفدية فنقتصر في اثباتها بما ذكر في الآية من المرض والأذى وقيل لا تنحصر الفدية أيضا بما ذكر بل هي ثابتة في كل مورد مثله فعلى كل حال إن اقتصرنا في الفدية وثبوتها على مورد الآية تحكم بها فيه كما هو مختار صاحب