والأولى عندي بعد هذا جميعه، قبول شهادة الشهود الأربعة، لأن ظاهر الحكم، وموجب الشرع أن شهادتهم صحيحة مقبولة غير مردودة، ولأن شهادة الإثبات لها مزية على شهادة النفي، لأنها قد شهدت بأمر زائد قد يخفى على من شهد بالنفي، لأن النفي هو الأصل، وشهادة الإثبات ناقلة عنه، وزيادة عليه، فكل من الشاهدين قد شهد بأمر زائد قد يخفى على الشاهدين الآخرين. وهذا كرجل ادعى على رجل عشرين دينارا، وأقام بها شاهدين، وأقام المشهود عليه بقضاء العشرين دينارا شاهدين، قبلنا شهادة الشاهدين اللذين شهدا بالقضاء، لأنهما أثبتا بشهادتهما أمرا قد يخفى على الشاهدين الأولين، ففي شهادة الآخرين مزية وزيادة حكم، ولهذا أمثلة كثيرة في الشريعة، وبهذا القول أفتي، وعليه أعمل.
والماء النجس لا يجوز استعماله في الوضوء والغسل معا، ولا في غسل الثوب وإزالة النجاسة، ولا في الشرب مع الاختيار، فمن استعمله في الوضوء، أو الغسل، أو غسل الثوب، ثم صلى بذلك التطهير، أو في تلك الثياب، وجب عليه إعادة الوضوء، أو الغسل، أو غسل الثوب بماء طاهر، وإعادة الصلاة، سواء كان عالما في حال استعماله لها، أو لم يكن عالما، إذا كان قد سبقه العلم بحصول النجاسة فيها، فإن لم يتيقن حصول النجاسة فيها قبل استعماله لها، لم يجب عليه إعادة الصلاة، ولا إعادة التطهر، سواء كان الوقت باقيا أو خارجا، على الصحيح من المذهب والأقوال، واستمرار النظر والاعتبار، بل يجب عليه غسل الثوب فحسب، وغسل ما أصابه من بدنه من ذلك الماء فحسب، لأن الإعادة تحتاج إلى دليل شرعي، وكذلك القضاء فرض ثان، يحتاج في ثبوته إلى دليل ثان، وليس في الشرع ما يدل على ذلك، فلا يجوز إثبات ما لا دلالة عليه، وأيضا فقد توضأ وضوء شرعيا مأمورا به، وصلى صلاة مأمورا بها، وأيضا فلا يخلو إما أن رفع بطهارته الحدث، أو لم يرفعه، فإن كان رفعه لا يجب عليه إعادة الصلاة، ولا الطهور، وإن كان لم يرفع الحدث. فيجب عليه إعادة الصلاة،