وإن أمره أن يحج عنه مفردا، أو قارنا، جاز له أن يحج عنه متمتعا، لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل، هكذا رواية أصحابنا (1)، وفتياهم.
وتحقيق ذلك أن من كان فرضه التمتع، فحج عنه قارنا، أو مفردا، فإنه لا يجزيه، ومن كان فرضه القران، أو الإفراد، فحج عنه متمتعا، فإنه لا يجزيه إلا أن يكون قد حج المستنيب حجة الإسلام، فحينئذ يصح إطلاق القول، والعمل بالرواية، ويدل على هذا التحرير، قولهم: وإن أمره أن يحج عنه مفردا، أو قارنا، جاز له أن يحج عنه متمتعا، لأنه يعدل إلى ما هو أفضل، فلو لم يكن قد حج حجة الإسلام بحسب فرضه، وحاله، وتكليفه، لما كان التمتع أفضل، بل كان إن كان فرضه التمتع، فهو الواجب، لا يجوز سواه، وليس لدخول (أفضل) معنى، لأن أفعل، لا يدخل إلا في أمرين، يشتركان ثم يزيد أحدهما على الآخر وكذلك لو كان فرضه القران، أو الإفراد، لما كان التمتع أفضل، بل لا يجوز له التمتع، فكيف يقال أفضل، فيخص إطلاق القول، والأخبار بالأدلة، لأن العموم قد يخص بالأدلة، بغير خلاف.
ومن أمر غيره أن يحج عنه على طريق بعينها، جاز له أن يعدل عن تلك الطريق إلى طريق آخر.
(2) وإذا أمره أن يحج عنه بنفسه، فليس له أن يأمر غيره بالنيابة عنه.
وإن جعل الأمر في ذلك إليه، ووكله إليه، إما بنفسه، أو يستأجر عنه، ويكون وكيلا له في عقد الإجارة مع غيره، جاز ذلك.
فأما أن أمره أن يستأجر له، من يحج عنه فلا يجوز للمأمور أن يحج عن الآمر وإذا أخذ حجة عن غيره، وكانت معينة بسنة معلومة، فلا يجوز أن يأخذ حجة أخرى لتلك السنة، لأن الإجارة معينة بزمان، فلا يصح أن يعمل فيه عملا لغير