قال السيد: فإن قيل أليس شيوخ هذه الطائفة قد عولوا في كتبهم في الأحكام الشرعية على الأخبار التي رووها عن ثقاتهم، وجعلوها العمدة والحجة في هذه الأحكام حتى رووا عن أئمتهم عليهم السلام فيما يجئ مختلفا من الأخبار عند عدم الترجيح كله، أن يؤخذ منه ما هو أبعد من قول العامة، وهذا ينقض ما قدمتموه.
قلنا: ليس ينبغي أن يرجع عن الأمور المعلومة، والمذاهب المشهورة، المقطوع عليها، بما هو مشتبه ملتبس محتمل، وقد علم كل موافق ومخالف: أن الشيعة الإمامية تبطل القياس في الشريعة من حيث إنه لا يؤدي إلى علم، وكذلك تقول:
في أخبار الآحاد حتى أن منهم من يزيد على ذلك، فيقول: ما كان يجوز من طريق العقل أن يتعبد الله تعالى في الشريعة بقياس، ولا عمل بأخبار الآحاد، ومن كان هذا مذهبه، كيف يجوز أن يثبت الأحكام الشرعية بأخبار لا يقطع على صحتها، ويجوز كذب رواتها كما يجوز صدقهم؟ وهل هذا إلا من أقبح المناقضة وأفحشها، والعلماء الذين عليهم المعول، ويدرون ما يأتون ويذرون ما يجوزون لم يحتجوا بخبر واحد لا يوجب علما، ولا يقدر أحد أن يحكي عنهم في كتاب ولا غيره خلاف ما ذكرناه، فأما أصحاب الحديث من أصحابنا، فإنهم رووا ما سمعوا وبما حدثوا به، ونقلوا عن أسلافهم، وليس عليهم أن يكون حجة ودليلا في الأحكام الشرعية، أو لا يكون كذلك، فإن كان في أصحاب الحديث من يحتج في حكم شرعي بحديث غير مقطوع على صحته، فقد زل ووهل، وما يفعل ذلك من يعرف أصول أصحابنا في نفي القياس والعمل بأخبار الآحاد حق معرفتها، بل لا يقع مثل ذلك إلا من غافل، وربما كان غير مكلف.
ألا ترى أن هؤلاء بأعيانهم قد يحتجون في أصول الدين من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة بأخبار الآحاد، ومعلوم عند كل عاقل: أنها ليست بحجة في