فإن قيل: نراكم تبيعون، وتشترون، وتقفون أرض العراق، وقد أخذت عنوة قلنا: إنما نبيع، ونقف، تصرفنا فيها، وتحجيرنا، وبناءنا فأما نفس الأرض لا يجوز ذلك فيها وللإمام أن ينقلها من متقبل إلى غيره، عند انقضاء مدة تقبيله، وله التصرف فيها بحسب ما يراه، صلاحا للمسلمين، لأن هذه الأرضين للمسلمين قاطبة، وارتفاعها يقسم فيهم كلهم، المقاتلة، وغيرهم، فإن المقاتلة ليس لهم على جهة الخصوص، إلا ما يحويه العسكر، من الغنائم وأمكن نقله.
والضرب الثالث، كل أرض صالح أهلها عليها، وهي أرض الجزية، يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه، من النصف، أو الثلث، أو الربع، وغير ذلك، وليس عليهم غيره، فإذا أسلم أربابها، كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم عليها طوعا ابتداء من قبل نفوسهم، ويسقط عنهم الصلح، لأنه جزية، بدلا من جزية رؤوسهم، وقد سقطت عنهم بالإسلام، وهذا الضرب من الأرضين، يصح التصرف فيه بالبيع، والشرى، والهبة، وغير ذلك من أنواع التصرف، وكان للإمام أن يزيد وينقص ما صالحهم عليه، بعد انقضاء مدة الصلح، حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها.
والضرب الرابع، كل أرض انجلى أهلها عنها، أو كانت مواتا، فأحييت، أو كانت آجاما، وغيرها مما لم يزرع فيها، فاستحدثت (1) مزارع فإن هذه الأرضين كلها للإمام خاصة، ليس لأحد معه فيها نصيب، وكان له التصرف فيها، بالقبض، والهبة، والبيع، والشرى، حسب ما يراه، وكان له أن يقبلها بما يراه، من النصف، أو الثلث، أو الربع، وجاز له أيضا، بعد انقضاء مدة القبالة، نزعها من يد من قبله إياها، وتقبيلها لغيره، وقد استثني من ذلك الأرض التي أحييت بعد مواتها، فإن الذي أحياها، أولى بالتصرف فيها، ما دام تقبلها بما يقبلها غيره