بأمان، لا للبقاء، والتأبيد فلا يجوز للإمام، أن يقره في بلد الإسلام سنة، بلا جزية، لكن يقره أقل من سنة، على ما يراه، بعوض، أو غير عوض.
وأما عقد الجزية، فهو عقد الذمة، ولا يصح إلا بشرطين، التزام (1) الجزية، وأن يجري عليهم أحكام المسلمين مطلقا، من غير استثناء، وهو الصغار المذكور في الآية، على الأظهر من الأقوال.
والفقير الذي لا شئ معه يجب عليه الجزية، لأنه لا دليل على إسقاطها عنه، وعموم الآية يقتضيه، ثم ينظر، فإن لم يقدر على الأداء، كانت في ذمته، فإذا استغنى، أخذت منه الجزية، من يوم ضمنها، وعقد العقد له، بعد أن يحول عليه الحول، هذا قول شيخنا أبي جعفر في مبسوطه (2)، وقال في مسائل الخلاف:
لا شئ عليه (3) واستدل بقوله تعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (4) وما ذكره في مبسوطه أقوى وأظهر، ولي في ذلك نظر.
البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام على ثلاثة أضرب: ضرب أنشأه المسلمون وأحدثوه، وضرب فتحوه عنوة، وضرب فتحوه صلحا، فأما البلاد التي أنشأها المسلمون، مثل البصرة والكوفة، فلا يجوز للإمام أن يقر أهل الذمة، على إنشاء بيعة، أو كنيسة، ولا صومعة راهب، ولا مجتمع لصلاتهم، فإن صالحهم على شئ من ذلك، بطل الصلح بلا خلاف، وكذلك البلاد التي فيها البيع والكنائس، وكانت في الأصل قبل بنائها، وأما البلاد التي فتحت عنوة، فإن لم يكن فيها بيع ولا كنائس، أو كانت، لكن هدموها وقت الفتح، فحكمها حكم بلاد الإسلام، لا يجوز صلحهم على إحداث ذلك فيها.
وأما ما فتح صلحا، فعلى ضربين أحدهما أن يصالحهم على أن تكون البلاد ملكا لهم، ويكونوا فيها مواد عين على مال بذلوه، وجزية عقدوها على أنفسهم،