ما يجب في النصاب الثاني من الذهب والفضة، وذهب بعض آخر إلى أنه يجوز أن يعطى من الزكاة الواحد من الفقراء، القليل، والكثير، ولا يحد القليل بحد لا يجزئ غيره، وهذا هو الأقوى عندي، لموافقته طاهر التنزيل، وإليه ذهب السيد المرتضى رحمه الله، في جمل العلم والعمل (1)، وما روي من الأخبار (2) في المقدار، فمحمول على الاستحباب، دون الفرض والإيجاب، ولأنه إذا آتاها في الزكاة، وأخرجها قليلا، في دفعات عدة، فلا خلاف أنه ينطلق عليه اسم مؤت ومعط، فإن الله تعالى قال: " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " (3) وهذا قد آتاها، وامتثل ما أمر به.
وأيضا الأصل براءة الذمة، من المقادير والكيفيات، لأنها أمور شرعيات، تحتاج في إثباتها إلى أدلة شرعية، ولا دليل على ذلك، لأن في المسألة بين أصحابنا خلافا، على ما صورناه، وإذا لم يكن إجماع فيبقى الأصل، وهو براءة الذمة.
وليس لأكثر ما يعطى الفقير حد محدود، بل إذا أعطاه دفعة واحدة، فجائز له ما أراد، ولو كان ألف قنطار.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته، في باب من الزيادات في الزكاة: وروى حماد عن حريز عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله مصدقا، من الكوفة إلى باديتها، ثم أورد الحديث بطوله، إلى قوله: ولا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق، في الساعات التي تريح، وتعنق، وأرفق بهن جهدك (4).